إذا تقرّر هذا فنقول: البارئ تعالى ليس بمتكثّر
بالمعاني المذكورة كلّها.
أمّا الثالث أعني النوع المتكثّر بأشخاصه
فسيجيء بيان بطلانه في الفصل التالي لهذا الفصل.
و أمّا الأوّل بقسميه الخارجيّ و الذهنيّ
فبطلانهما بما ذكره من البيان، و تقريره أنّ كلّ ذات متكثّرة بهذا المعنى- أعني
تألّف ذاتها من تلك الأجزاء- فإنّها محتاجة في تحقّقها خارجا و ذهنا إلى تلك
الأجزاء، ضرورة أنّ وجود المركّب بدون جزئه محال، و الجزء ذات مغايرة لذات الكلّ
لأنّه مقدّم عليه في الوجودين الذهنيّ و الخارجيّ، و المقدّم غير المؤخّر، فكلّ
ذات متكثّرة بالمعنى المذكور فهي محتاجة إلى غيرها، و كلّ محتاج إلى غيره ممكن،
ينتج أنّ كلّ ذات متكثّرة بالمعنى المذكور فهي ممكنة.
و ينعكس هذا بعكس النقيض إلى قولنا: كلّ ما ليس
بممكن فهو ليس بمتكثّر بالمعنى المذكور. و نجعله كبرى لقولنا: الواجب ليس بممكن،
(هكذا بالضرب الأوّل من الأوّل)[1]:
الواجب هو ليس بممكن، و كلّ ما ليس بممكن ليس
بمتكثّر، ينتج الواجب ليس بمتكثّر[2].
يسمّى مماثلة، و في الجنس يسمّى مجانسة، و في
العرض إن كان في الكمّ سمّي مساواة، و في الكيف سمّي مشابهة، و في المضاف سمّي
مناسبة، و في الشكل سمّي مشاكلة، و في الوضع يسمّى موازاة، و في الأطراف يسمّى
مطابقة. إرشاد الطالبين: 145، 146.
[1]ما بين القوسين ليس في «م»، و في «ح»: هكذا من
الضرب الأوّل و الشكل الأوّل.
[2]الشكل الأوّل ما كان الأوسط فيه محمولا
في الصغرى، موضوعا في الكبرى، و ضروبه أربعة: الأوّل: ما هو مؤلّف من كلّيّتين
موجبتين ينتج كلّيّة موجبة. مثاله: كلّ خمر مسكر، و كلّ مسكر حرام، ينتج كلّ خمر
حرام. و استدلال المصنّف من هذا القسم حيث يقول: إنّ كلّ ذات متكثّرة محتاجة، و
كلّ محتاج ممكن، ينتج أنّ كلّ ذات متكثّرة ممكنة.
الثاني: ما هو مؤلّف من كلّيّة موجبة و سالبة
كلّيّة. مثاله: كلّ خمر مسكر، و لا شيء من المسكر بنافع، ينتج لا شيء من الخمر
بنافع.
الثالث: ما هو مؤلّف من موجبة جزئيّة، و موجبة
كلّيّة، ينتج موجبة جزئيّة، مثاله: بعض السائلين فقراء، و كلّ فقير يستحقّ الصدقة،
ينتج بعض السائلين يستحقّ الصدقة.
الرابع: ما هو مؤلّف من موجبة جزئيّة، و سالبة
كلّيّة، ينتج سالبة جزئيّة. مثاله: بعض السائلين أغنياء، و لا غنيّ يستحقّ الصدقة،
ينتج بعض السائلين لا يستحقّ الصدقة. النجاة من الغرق في بحر الضلالات: 57،
التحصيل، لبهمنيار: 114، المنطق، للمظفّر: 214.
الانوار الجلاليه 62 الواجب ليس
بمتكثر ..... ص : 60