responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانوار الجلاليه المؤلف : الطوسي، الخواجة نصير الدين    الجزء : 1  صفحة : 182

الاستحقاقين بالآخر، أولا. و الثاني إمّا أن يثاب ثمّ يعاقب، أو بالعكس.

أقول: لمّا فرغ من مباحث المعاد شرع في توابعه، و هي مسائل الوعد و الوعيد.

فالثواب: هو النفع المستحقّ المقارن للتعظيم و الإجلال، فبقيد الاستحقاق خرج التفضّل، و بمقارنة التعظيم خرج العوض. و العقاب: هو الضرر المستحقّ المقارن للاستخفاف و الإهانة. و هما دائمان في الأصل لأنّهما لطفان في وقوع الطاعة و ارتفاع المعصية فدوامهما أدخل في اللطفيّة. و لأنّ الثواب و المدح معلولان للطاعة، و العقاب و الذمّ معلولان للمعصية، و المدح و الذمّ دائمان و دوام أحد المعلولين يستلزم دوام الآخر لأنّ دوام المعلول دليل على تحقّق العلّة و تحقّق العلّة يستلزم تحقّق المعلول الآخر.

إذا عرفت هذا فنقول: كلّ من استحقّ الثواب بالإطلاق أي لا يكون استحقاقه للثواب مشروطا بأخذ قصاص أو شفاعة من له الشفاعة- و ذلك المؤمن الذي لم يشب إيمانه بظلم- فإنّه يدخل الجنّة و يخلد فيها لوجود العلّة الدائمة، و هي الإيمان. و دوام العلّة يستلزم دوام المعلول. و كلّ من استحقّ العقاب بالإطلاق أي لم يحصل له سبب يدخل به الجنّة- كالكافر- فإنّه يدخل النار و يخلد فيها لأنّ انتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبّب. و ما بعد الدنيا من دار إلّا الجنّة أو النار، فيدخل النار و يكون مخلّدا فيها. و كلّ من لم يستحقّ الثواب و لا العقاب- كالصّبيان و المجانين و البله الذين لا يتمكّنون من الفهم أصلا- لم يجز من الكريم المطلق أي الذي ليس فيه بخل و لا احتياج بوجه من الوجوه أن يعذّبهم، بل يدخلهم الجنّة تفضّلا منه تعالى، سواء كان آباء الصبيان مؤمنين أو كافرين. و أمّا من جمع بين الاستحقاقين أي صدر منه ما يستحقّ به الجنّة و ما يستحقّ به النار- كالمؤمن الفاسق- فلا يخلو إمّا أن يكون متوعّدا على ما يستحقّ به النار توعّدا مطلقا لا بعينه أي يكون ذنبه صغيرا، أو لا أي يكون متوعّدا عليه توعّدا معيّنا كالكبيرة.

فإن كان الأوّل أمكن بالإمكان العامّ أي ليس بممتنع لا بالذات و لا بالغير أن يعفو اللّه تعالى عنه لأنّه تعالى وعد بالعفو، و هو حسن و خلف الوعد قبيح. و أيضا الغرض من إيجاده إيصال الثواب إليه فمعاقبته نقض غرضه. و هذا أيضا متّجه في القسم المتوعّد عليه بعينه، فإنّه لا مانع من ذلك.

اسم الکتاب : الانوار الجلاليه المؤلف : الطوسي، الخواجة نصير الدين    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست