آخره لا يتطرّق إليها الزيادة و النقصان، و هو
الأقرب[1].
الثالث: أن لا يكون جسما و لا
جسمانيّا، و هو المعبّر عنه بالروح. و هو قول الحكماء و بعض المعتزلة و بعض
الإماميّة. و اختاره المصنّف[2] و استدلّ على إبطال القسمين الأوّلين،
ليثبت مطلوبه.
أمّا الأوّل: فلأنّ العرض قائم
بغيره، فيحتاج إلى محلّ يقوم به يكون ذلك المحلّ موصوفا بذلك العرض. لكنّ الإنسان
لا يتّصف به شيء و هو معلوم ضرورة، بل الإنسان يكون موصوفا بأوصاف مغايرة له، فلا
يكون عرضا و هو المطلوب.
و أمّا الثاني: و هو أن يكون جسما أو
جسمانيّا كهذا البدن أو شيء من أجزائه، فاستدلّ على نفيه بأنّ الإنسان موصوف
بالعلم، و لا شيء من هذا البدن و أجزائه موصوف بالعلم، فلا يكون الإنسان هذا
البدن و لا شيئا من أجزائه.
أمّا الصغرى فظاهرة، و لأنّه إنّما كان
إنسانا بإدراك الكلّيّات لا بإدراك الجزئيّات
لأنّه ما من حيوان إلّا و يشاركه في إدراك
الجزئيّات. و أمّا إدراك العلوم الكلّيّة فشيء يمتاز به عن باقي الحيوانات.
و أمّا الكبرى فلوجهين:
الأوّل: أنّ العلم حصول صورة
المعلوم في العالم، فإذا حصل صورة الكلّيّ في الجسم أو جزء منه لزم أن يكون
الكلّيّ جزئيّا لأنّ جزئيّة المحلّ تستلزم جزئيّة الحالّ فيه.
الثاني: أنّ الإنسان يعلم
البسيط كالنقطة و الوحدة، فيكون علمه به أيضا بسيطا لوجوب مطابقة العلم للمعلوم.
و إذا كان العلم بالبسيط بسيطا وجب أن يكون محلّه أيضا بسيطا لاستحالة حلول
البسيط في المركّب. و لا شيء من هذا البدن أو جزئه بسيطا
[1]قال المحقّقون من المتكلّمين: إنّه
أجزاء أصليّة في البدن. نسب هذا القول المحقّق الطوسيّ إلى المتكلّمين في قواعد
العقائد: 45، و اختاره المصنّف في اللوامع الإلهيّة: 368.
[2]اختاره الشيخ المفيد في أوائل المقالات:
88، و نسبه الفخر الرازيّ في تفسيره الكبير 21: 45، إلى أكثر الإلهيّين من الفلاسفة،
و جماعة عظيمة من المسلمين مثل الراغب الأصفهانيّ و الغزاليّ من الأشاعرة، و معمّر
بن عبّاد السلميّ من المعتزلة، و من الشيعة الشيخ المفيد. و اختاره المحقّق
الطوسيّ في «التجريد». كشف المراد: 138.
و للوقوف على جميع الأقوال المتقدّمة في تعريف
الإنسان ينظر: اللوامع الإلهيّة: 369.