اليقين[1]، و عين اليقين[2]، و حقّ
اليقين[3]. و مثال ذلك في النار من شاهد عين النار بتوسّط نورها
بمنزلة علم اليقين بها. و معاينة جرم النار المقتضية (لتنوير كلّ قابل للنور)[4] بمنزلة عين
اليقين. و تأثير النار في كلّ ما يلاقيها حتّى تنتفي هويّته و يبقى صرف النار
بمنزلة حقّ اليقين. و لمّا كانت نهاية الوصول انتفاء الهويّة كانت رؤيتها من البعد
و القرب و الدخول فيها المقتضي للانتفاء بإزاء المراتب الثلاثة المذكورة.
[السكون]
السادس: السكون، و هو قسمان:
أحدهما من خواصّ الناقصين، و هو مقدّمة السلوك
الذي يخلو صاحبه من المطلوب و الكمال، و يسمّى غفلة.
و ثانيهما بعد السلوك، و هو من خواصّ الكاملين
لحصوله عند الوصول إلى المطلوب، و يسمّى اطمئنانا الَّذِينَ آمَنُوا
وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ[5]. و الحال بين
هذين السّكونين يسمّى حركة. و السير و السلوك و الحركة من لوازم المحبّة التي قبل
الوصول، و السكون من لوازم المعرفة المقارنة للوصول، و لهذا قيل: لو تحرّك العارف
هلك، و لو سكن المحبّ هلك. و قيل أيضا أبلغ من ذلك: لو نطق العارف هلك و لو سكت
المحبّ هلك.
[الخامسة: في الأحوال السانحة للسالك بعد
وصوله]
الخامسة: في الأحوال السانحة
للسالك بعد وصوله، و هي امور:
[التوكّل]
الأوّل: التوكّل. و هو لغة: تفويض
الإنسان أمره إلى غيره. و المراد هنا أنّ العبد إذا عرض له أمر أو صدر عنه شيء إذا
تيقّن أنّ اللّه أعلم منه و أقدر فوّض ذلك الشيء إليه، ليدبّره بحسب تقديره و
يفرح بما قدّره و يرضى به، وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ[6]. و إنّما يحصل الرضا و
الفرح بما يفعله اللّه تعالى معه إذا تأمّل في أحواله