responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الانوار الجلاليه المؤلف : الطوسي، الخواجة نصير الدين    الجزء : 1  صفحة : 102

العالم، فإنّ ذلك مفتقر إلى تحقيق أنظار و تسديد أفكار، فعاند ذلك الجاهل و رأى إصرار موسى عليه السّلام على ذكر الصفات و هو يطلب الجواب عن الذات، فقال منهمكا في جهله و متهكّما في قوله: إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ‌[1]! فإنّي أسأله ب «ما هو»؟

فيجيبني بما يقع جوابا ل «أيّ». فأبلغ عليه السّلام في جوابه متّبعا للأمر الإلهيّ باللّين في خطابه‌ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ ما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ‌[2]. إنّ حقيقته غير ممكنة المعلوميّة[3]، لأنّ تجرّدها و بساطتها يمنعان من إمكان تحديدها.

الرابعة: المعلوم لنا في هذا المقام من معرفة الذات ليس إلّا أنّها موجودة، و من الصفات ليس إلّا السلوب ككونه ليس بجسم و لا عرض، و الإضافات ككونه قادرا و عالما، و الإضافات و السلب ككونه موجدا للعالم لا سواه. و مع ذلك فنحن نخشى أن نثبت له بذلك صفة حقيقيّة تزيد على ذاته فإنّ ذلك مناف لكماله، و إلّا لكان مفتقرا إلى تلك الصفة بل كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه و من قرنه فقد ثنّاه و من ثنّاه فقد جزّأه، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.

قال: و من أراد الارتقاء عن هذا المقام، ينبغي أن يحقّق‌[4] أنّ وراءه شيئا هو أعلى من هذا المرام، فلا يقصر همّته على ما أدركه، و لا يشغل عقله الذي ملكه بمعرفة الكثرة التي هي أمارة العدم، و لا يقف عند زخارفها التي هي مزلّة القدم، بل يقطع عن نفسه العلائق البدنيّة، و يزيل عن خاطره الموانع الدنيويّة، و يضعف حواسّه و قواه، التي بها يدرك الامور الفانية، و يحبس بالرياضة نفسه الأمّارة بالسوء التي تثير التخيّلات الواهية، و يوجّه همّته بكلّيّتها إلى عالم القدس، و يقصر أمنيّته على نيل محلّ الرّوح و الانس.

[طريق الأولياء في معرفة اللّه تعالى «السلوك»]

أقول: لمّا ذكر معرفة اللّه تعالى و الطريق إليها على قاعدة أهل البحث و النظر، الذين‌


[1]الشعراء/ 27.

[2]الشعراء/ 28.

[3]«م» بزيادة: لأحد.

[4]«خ» و الفصول النصيريّة: يتحقّق.

الانوار الجلاليه 103 طريق الأولياء في معرفة الله تعالى«السلوك» ..... ص : 102

اسم الکتاب : الانوار الجلاليه المؤلف : الطوسي، الخواجة نصير الدين    الجزء : 1  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست