اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 55
واضطراب
الأحبار والرهبان عند ولادته ، حتّى رآه بعضهم وعرف خاتم النبوّة على جسمه الشريف
، فقال : إنّه نبي السيف ، وحذّر اليهود منه [١] ، وتهنئة امّه من جهة السماء وما ظهر لها من الكرامات
حين الحمل [٢] ، وكفى بكتاب الله معجزاً مستمراً مدى الدهر ، حيث
أقرّت له العرب العرباء ، وأذعن له جميع الفصحاء والبلغاء ، مع أنّ معارضته كانت
عندهم من أهمّ الأشياء.
على أنّ في
النظر في أخلاقه الكريمة وأحواله المستقيمة كفاية لمن نظر ، وحجّة واضحة لمن
استبصر ، ككثرة الحلم ، وسعة الخلق ، وتواضع النفس ، والعفو عن المسيء ، ورحمة
الفقراء ، وإعانة الضعفاء ، وتحمّل المشاقّ ، وجمع مكارم الأخلاق ، وزهد الدنيا مع
إقبالها عليه ، وصدوده عنها مع توجّهها إليه ، وله من السماحة النصيب الأكبر ، ومن
الشجاعة الحظّ الأوفر.
وكان يطوي
نهاره من الجوع ، ويشدّ حَجَر المجاعة على بطنه ، ويجيب الدعوة ، ويأكل أكل العبد
، وكان بين الناس كأحدهم ، ولازَم العبادة حتّى ورمت [٣] قدماه ، إلى
غير ذلك من المكارم التي لا تحصر ، والمحاسن التي لا تسطر.
ولبدنه الشريف
أحوال مخصوصة به ، ومقصورة على جنابه ؛ كظهور نوره في الليل المظلم ، وغلبة طيبه
على المسك الأذفر ، واحتوائه على محاسن لم يُعزَ إليها بشر [٤]. ثمّ لا تجب
على الأُمم اللاحقة معرفة الأنبياء السابقين ، نعم ربما وجبت معرفة أنّ لله أنبياء
قد سبقت دعوتهم ، وانقرضت ملّتهم على الإجمال.
وتجب معرفة
عصمته بالدليل ، ويكفي فيه أنّه لو جاز عليه الخطأ والخطيئة لم يبق