اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 324
الرضا والغضب والثواب والعقاب واللطف والرحمة.
وإنّما تكون
المؤاخذة بعد ظهور الاستحقاق ، وإنّما يكون ذلك بعد الاختبار بالتكليف ، لئلا يكون
للناس على الله حجّة.
ولولاه لنقصت
صفات الكمال ؛ لأنّ ظهور [١] كلّ صفة صفة كمال ثانية ، وهو لطف ، وخلافه خلاف اللطف
على المكلّفين ، إذ لولاه لفات شرف العبوديّة والخدمة ، والإتيان بصورة العوض لدفع
عار عدم الاستحقاق ، ولفاتت لذّة السلامة والنجاة ، وعلوّ الدرجة ، والاختصاص بمن
أخلص لله والتكليف إنّما يكون تكليفاً حيث يخالف الهوى والإرادة.
ولما كان
المكلّفون على أقسام منهم ذو كسل يشقّ عليه العمل ، ومنهم من غلب عليه حبّ المال ،
ومنهم من غلب عليه حبّ الملاذ من الطعام والشراب والنساء ، ومنهم من غلب عليه حب
الأهل والوطن وعدم الخروج عن المسكن ، ومنهم من غلب عليه حبّ الحياة ، فاختُبِروا
بالصلاة والزكاة وما يشبههما ممّا يتعلّق بالمال أو البدن ، وبالصيام المانع عن
الملاذّ ، وبالحجّ المفرّق عن الأهل والوطن ، وبالجهاد الباعث على ذهاب النفوس.
وإذا تأمّلت في جميع التكاليف واجباتها ومحظوراتها وجدتها راجعة إلى مثل ما ذكرنا.
ثمّ إنّ هذه
العبادات صور ، ولها حقائق تشير إليها ، وأسباب هي الباعثة عليها ، فالأمر
بالطهارة الصوريّة يشير إلى الطهارة المعنويّة ، والركوع والسجود وجميع أجزاء
الصلاة تشير بخشوعها وتذللها الظاهري إلى طلب الحقيقة المعنويّة ، والصيام إلى
الإمساك عن المعاصي ، وهكذا.
ومرجع الجميع
إلى حبّ الله تعالى ؛ فإنّ المحبّ الحقيقي يبذل نفسه وبدنه وشهوة نفسه وأهله ووطنه
في رضا محبوبه ، وكذا المملوك إذا اشتدّ خوفه من مولاه بذل جميع ذلك.