اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 323
الشكر لله على أنّه وفّقه للوصول إلى أشرف البقاع ؛ أو لاستحضار عظمة الله
عند النظر إلى قبر العظيم من أوليائه فلا بأس. وعلى بعض هذه الوجوه يُنزّل سجود
الملائكة لآدم ، وسجود أبوي يوسف ليوسف.
وكذا الركوع ،
إن كان على وجه العبادة ؛ فلا يجوز لغير الله ، وأمّا بقصد التعظيم ، أو استجلاب
المحبّة ، أو طلب الحاجة ، أو مع استحضار عظمة الله فلا بأس به. فالركوع للأعاظم
من السلاطين والخوانين ليس بمحظور.
إلا أنّ
التواضع للجبابرة والمتكبّرين ، فيه إعلاء لشأنهم وزيادة في تعظيمهم ، وهو في أشدّ
الكراهة ، إلا أن يقصد به جلب نفع أو دفع ضرر لا مجرّد ميل النفس الأمّارة.
والحاصل أنّ
التواضع بالقيام وسماع أمر كلّ أمر وقضاء حاجة كلّ طالب وغيرها ، متى كانت بقصد
العبوديّة ، قضت بكفر الفاعل ، فالأعمال تتبع المقاصد والنيات ، ويختلف حكمها
باختلاف العبادات.
خاتمة
في أنّه ينبغي
للعابد أن يستقلّ عبادته ، ويرى نفسه كأنّه لم يصنع شيئاً ؛ لأنّ جميع ما تقوّم
العمل به لله ومن الله ، وليس للعامل حقيقة عمل. فالنفس منه ، والعقل منه ،
والقوّة منه ، والحركة منه ، والسكون منه ، والتوفيق منه ، والشرائط منه ، وما
يتوقّف عليه منه ، فلا ماء ولا لباس ولا بناء ولا قبلة ولا مكان ولا غيرها إلا منه
، وله في عمل غيره نظر آخر فلا يستحقره.
كما أنّه يلزم
على العاصي استكبار المعصية وإن صغرت في نظره ، بالتأمّل في أنّ المعصية إنّما
كانت بما هو له من قوى وجوارح وقوّة ونحوها ، وأنّها أُعيرت له لينتفع بها في جهة
خاصّة ، والتجاوز عنها خيانة للأمانة ، وبالتأمّل في نعمته ، وفي حقارته في مبدئه
وغايته ، وأنّه بمنزلة الخلاء أو أدنى منه ، لاشتماله على قذارات فوق قذاراته ،
وبالنظر فيمن عصى ، وعلى من تجرّى ، فيجد أصغر الصغائر أكبر الكبائر.
ثمّ من تمام
صفات الملك والملكوت والكبرياء والجبروت والعظمة والسلطان و
اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 323