وما كفاهم
فعلهم بذرّيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى جعلوا بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مقبرة لأبي بكر وعمر وهما أجنبيّان ، فإن كان البيت
ميراثاً ، وجب استئذان كلّ الورثة ، وإن كان صدقة ، وجب استئذان المسلمين جميعهم ،
وإن كان ملك عائشة كذّبها أنّها لم يكن لها ولأبيها في المدينة دار.
وقد روى في
الجمع بين الصحيحين أنّ النبيّ قال ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنّة [٣]. وروى الطبري
أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال إذا غسّلتموني وكفّنتموني فضعوني على سريري في بيتي
هذا على شفير قبري [٤]. ولم يقل في الموضعين وغيرهما «بيت عائشة» ، وغير ذلك
ممّا ذكر لهم [٥].
فبالله عليك
تأمّل في الحالين ، واستعمل جادّة الإنصاف في البين ، والله الهادي إلى الصواب (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ
تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[٦]. وصن نفسك عن متابعة الهوى ، وموافقة الأُمّهات
والإباء.
وَ خَيّل
النبيّ كأنّه قبض الان ، وكأنّ قد قامت تلك الغوغاء التي صدرت في ذلك الزمان ،
وأحضِر أحوال القوم بين يديك ، وتوجّه لإبصارها بكلتا عينيك ، وتَفَكّر في الفروع
والأتباع ؛ لِتَعلم حال الأُصول وينقطع النزاع.
لعلّ البصرة
تذكّرك ، وَجَمَلها يُنذرك ، وصفّين تصفيك ، ووقعة كربلاء تكفيك ، واختلاف ذات
البين وحصول الشقاق في الجانبين أبين شاهد على أنّ الحقّ في جانب
[١] ربيع الأبرار ١
: ٨٢٠ ، وأُنظر مناقب الإمام أمير المؤمنين لابن سليمان ٢ : ١٩٤ ح ٦٦٦.