و الفاعل لا يتقدم على الفعل، فكذا ما هو بمعنى
الفاعل.
و ههنا[2] بحث، هو أن (الماء) في
قولهم: (امتلأ الإناء ماء) من حيث المعنى فاعل[3] للفعل المذكور
من غير حاجة إلى جعله متعديا؛ لأن المتكلم لما قصد إسناد الامتلاء إلى بعض
متعلقات[4] الاناة، و لو على سبيل التجّوز[5] و قدره، وقع
الإبهام فيه لا جرم ميّزه بقوله (ماء) فهو في معنى: امتلأ ماء الإناء، فالماء فاعل
معنى، و ذلك بعينه مثل: قولك: (ربح زيد تجارة) فإن التجارة تمييز يرفع الإبهام عن
شيء منسوب إلى (زيد) و هو التجارة.
فالفاعل في قصدك هو التجارة، لا زيد، و إن كان
إسناد الربح إليه حقيقة و إليها مجازا، و بهذا[6] يندفع ما يورد
على قاعدتهم المشهورة، و هي أن التمييز عن النسبة إمّا فاعل في المعنى أو مفعول،
من أن التمييز في هذا المثال، و أمثاله لا فاعل و لا مفعول، فلا تطرد تلك القاعدة[7].
(خلافا للمازني[8] و المبرد)
فإنهما يجوزان تقيم التمييز على الفعل الصريح،
[1] لأن الماء ليس بفاعل للامتلاء نفسه؛ لأن
الماء ملء الإناء فالظاهر أنه كان فاعلا له لكون المعنى امتلاء ماء الإناء فيكون
الماء ممتلئا و أما إذا جعل متعديا يكون الماء مالئا (م).
[2] أي: في قوله: إن الماء لا يقع فاعلا
لامتلاء نفسه إلا إذا جعلته متعديا (تأمل).
[3] مجازي بعلاقة المحلية مثل جرى النهر و
سال الميزاب (م).
[5] يعني: أن إسناد الامتلاء إلى الماء مجاز؛
لأن الامتلاء فعل الممتلئ و إلى الإناء حقيقة فإذا جعلته امتلاء ماء الإناء فإسناد
الامتلاء إلى الماء مجاز و إلى الإناء حقيقة؛ لأن الامتلاء صفة الإناء يكون معناه
في قبول الامتلاء لا صفة الماء (شرح).
- من قبيل ذكر الحال و هو الماء و إرادة المحل
و هو الإناء (رضا).
[6] أي: بهذا الجواب و هو إسناد الربح إلى
زيد حقيقة و إلى التجارة مجازا و التجارة عامل مجازي بعلاقة السببية (م).
[7] أي: المشهورة بأن قالوا: إن التمييز
الكائن عن النسبة إما فاعل أو مفعول في المعنى (رضا).
[8] أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المازني
البصري النحوي كان هو متورعا و زاهدا و مات في بصرة لسنة تسع و أربعين بعد
المائتين من الهجرة النبوية، أستاذ المبرد و تلميذ الأخفش (ابن خلكان).
اسم الکتاب : شرح ملا جامي على متن الكافية في النحو المؤلف : الجامي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 382