اسم الکتاب : شرح ملا جامي على متن الكافية في النحو المؤلف : الجامي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 314
عن هذا: بعد نفسك مما يؤذيك[1]، فالأسد و
نحوه، و يقدر مثل: (اتّق) في بعضها كالمثال المذكور[2].
قيل: لفظ (الأسد) في (إيّاك و الأسد) خارج[3] عن النوعين
فينبغي أن لا يكون تحذيرا، و ليس كذلك[4]، فإنه أيضا تحذير، و
أجيب بأنه تابع للتحذير، و التوابع خارجة عن المحدود[5]، بدليل ذكرها
فيما بعد.
(و تقول)[6] في قسمي النوع
الأول (إيّاك من الأسد) كما كنت تقول (إيّاك و الأسد) (و (من أن تحذف) كما كنت
تقول: (إيّاك و أن تحذف).
[1] و فيه بحث مشهور، و هو أنه إذا كان معنى
نفسك نفسك: بعّد نفسك مما يؤذيك لم يكن نفسك نفسك من النوع الثاني و محذرا منه بل
محذرا، فأجاب عنه بعض المحققين بما حاصله: أنّ المراد التحذير من النفس بتبعيدها
عن الرذائل التي تؤذيك؛ فإنّك إذا لم تبعد من الرذائل يصيبك منها المحن و الشدائد،
فالنفس محذر منه لا محذر، و يمكن أن يقال في الجواب: يجوز أن يكون ما في مما يؤذيك
مصدرية. و من للتعليل و الأجل، و المعنى: بعد نفسك من أجل إيذاء النفس إياك كإيذاء
الأسد، و حينئذ يكون النفس أيضا محذرا منه (عصمة اللّه).
[2] لأنّه في معنى: اتق الطريق، أي: اتق عن
الأشياء المؤذية التي يكون في الطريق واحدة أو متعددة، فيكون من قبيل ذكر المحل و
إرادة الحال (توقادي).
[3] لأنّه إن فرض دخوله في النوع الأول ليس
محذرا بل محذرا منه، و إن فرض دخوله في النوع الثاني ليس مكررا فحينئذ على أي:
تقدير يكون خارجا من المحدود (رضا).
[4] بل يكون تحذيرا لأنّه يصدق أنه معمول
بتقدير: اتق تحذيرا مما بعده؛ بأن يكون المراد من قول مما بعده أعمّ من أن يكون
لفظا أو تقديرا، فحينئذ يكون الأسد تحذيرا مما بعده تقديرا، و على هذا التقدير
يكون معناه: اتق إياك عن الأسد، و الأسد من الصياد، تأمل هذا الاحتمال إذا لم يقل
مع من، و إذا قال مع من لا يكون الأسد إلا محذرا منه تأمل.
[5] و فيه نظر؛ لأن كونه تابعا لا يخرجه عن
التحذير، كما أنّ (عمرو) في جاءني زيد و عمرو لا يخرج عن الفاعلية بكونه تابعا.
[6] يعني: يستعمل التحذير على وجهين: أحدهما:
بحرف الجر، و حرف الجر قد يذكر لفظا داخلا على اسم، نحو: إياك من الأسد. و قد يكون
داخلا على أن مع ما في حيزه، نحو: إياك من أن تخذف، و الثاني: أن يذكر بحرف العطف
إما داخلا على الاسم، نحو: إياك و الأسد، أو على أنّ مع حيزه، نحو: إياك و أن
تخذف، و قد يحذف حرف الجر من أن، فيقال: إياك أن تخذف، أي: من أن تخذف، و لا يحذف
من الاسم، فلا يقال: إياك الأسد، أي: من الأسد، و إنما حذف حرف الجر من أن و لم
يجز حذفه من الاسم لأنّ أن مستطال بصلة فناسب تخفيفه فحذف حرف الجر منه بخلاف
الاسم المفرد؛ فإنّه لا طول فيه (شرح اللباب).
اسم الکتاب : شرح ملا جامي على متن الكافية في النحو المؤلف : الجامي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 314