اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم الجزء : 0 صفحة : 70
البحث:
انظر إلى الشطر الأخير فى البيتين الأولين، تجد أن كلمة «الشمس» استعملت فى معنيين: أحدهما المعنى الحقيقى للشمس التى تعرفها، و هى
لتى تظهر فى المشرق صبحا و تختفى عند الغروب مساء، و الثانى إنسان وضاء الوجه يشبه
الشمس فى التلألؤ، و هذا المعنى غير حقيقى، و إذا تأملت رأيت أنّ هناك صلة و علاقة
بين المعنى الأصلىّ للشمس و المعنى العارض الذى استعملت فيه. و هذه العلاقة هى
المشابهة، لأن الشخص الوضىء الوجه يشبه الشمس فى الإشراق، و لا يمكن أن يلتبس
عليك الأمر فتفهم من «شمستظللنى» المعنى الحقيقى للشمس، لأن
الشمس الحقيقية لا تظلّل، فكلمة تظللنى إذا تمنع من إرادة المعنى الحقيقى، و لهذا
تسمى قرينة دالة على أن المعنى المقصود هو المعنى الجديد العارض.
و إذا تأملت البيت الثانى للبحترىّ رأيت أن كلمة «هزبرا» الثانية يراد بها الأسد الحقيقى، و أن كلمة «هزبر» الأولى
يراد بها الممدوح الشجاع. و هذا معنى غير حقيقى، و رأيت أن العلاقة بين المعنى
الحقيقى للأسد و المعنى العارض هى المشابهة فى الشجاعة، و أن القرينة المانعة من
إرادة المعنى الحقيقى للأسد هى أن الحال المفهومة من سياق الكلام تدل على أن المقصود
المعنى العارض، و مثل ذلك يقال فى «أغلبمن القوم» و «باسلالوجه أغلبا» فإن الثانية تدل على المعنى الأصلى للأسد، و الأولى تدل
على المعنى العارض و هو الرجل الشجاع، و العلاقة المشابهة، و القرينة المانعة من
إرادة المعنى الأصلى هنا لفظية و هى «منالقوم».
تستطيع بعد هذا البيان أن تدرك فى البيت الثانى للمتنبى أن كلمة «حسام» الثانية استعملت فى غير معناها الحقيقى لعلاقة المشابهة فى تحمّل
الأخطار. و القرينة تفهم من المقام فهى حالية. و مثل ذلك كلمة «سحاب» الأخيرة فإنها استعملت لتدل على سيف الدولة لعلاقة المشابهة بينه
اسم الکتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية المؤلف : علی جارم الجزء : 0 صفحة : 70