اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 334
59 مسألة [القول في أيمن في القسم، مفرد هو أو
جمع؟][1]
ذهب الكوفيون إلى أن قولهم في القسم «أيمن
اللّه» جمع يمين. و ذهب البصريون إلى أنه ليس جمع يمين، و أنه اسم مفرد مشتق من
اليمن.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على
أن «أيمن» جمع يمين أنه على وزن أفعل، و هو وزن يختص به الجمع، و لا يكون في
المفرد، يدل عليه أن التقدير في قولهم «أيمن اللّه» أي: عليّ أيمن اللّه، أي أيمان
اللّه عليّ فيما أقسم به، و هم يقولون في جمع يمين «أيمن» قال زهير:
[261]
فتجمع أيمن
منّا و منكم
بمقسمة تمور
بها الدّماء
[261] هذا البيت لزهير بن أبي سلمى كما قال
المؤلف (الديوان 78 ط الدار) و قد رواه ابن منظور (ق س م- ى م ن) و الأيمن: جمع
يمين، و أراد بقوله «فتجمع أيمن منا و منكم» تحلفون و نحلف، و قوله «بمقسمة» هو
بضم الميم و فتح السين بينهما قاف ساكنة- و هو الموضع يحلف فيه عند الأصنام، و
يروى «بمقسمة» بفتح الميم- و أراد بها القسامة، و أصل القسامة- بزنة السحابة- أن
يوجد رجل قتيلا فيجيء أولياؤه فيدعون على رجل أنه قاتله، و لا تكون لهم بينة
كاملة، أو يوجد القتيل في محلة قوم و لا بينة على أن قاتله فلان منهم، فيستحلف
أولياء القتيل خمسين يمينا أن فلانا قتله، أو أن هؤلاء قتلوه، فإن حلفوا استحقوا
دية القتيل، و إن أبوا أن يحلفوا حلف المدعى عليه و برىء. و على هذا يكون المعنى
في بيت زهير: تؤخذ أيمان مثل الأيمان التي تؤخذ في القسامة، و تمار بها الدماء: أي
تسيل، و المراد دم البدن التي تنحر.
و محل الاستشهاد بالبيت قوله «أيمن» فإنه جمع
يمين، قال سيبويه: «و قالوا: يمين و أيمن، و قالوا: أيمان فكسروها على أفعال كما
كسروها على أفعل» اه. و قد كسروا يمينا على يمن- بضم الياء و الميم جميعا- كما
كسروا شمالا على شمل، و من ذلك قول زهير:
قد نكبت ماء
شرج عن شمائلها
وجو سلمى على
أركانها اليمن
[1] انظر في هذه المسألة: التصريح للشيخ خالد
(2/ 456) و شرح الأشموني مع حاشية الصبان (4/ 232) و شرح ابن يعيش على المفصل (ص
1290) و لسان العرب (ى م ن).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 334