اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 184
27 مسألة [القول في تقديم معمول اسم الفعل
عليه][1]
ذهب الكوفيون إلى أن «عليك، و دونك، و عندك»
في الإغراء يجوز تقديم معمولاتها عليها، نحو «زيدا عليك، و عمرا عندك، و بكرا
دونك». و ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز تقديم معمولاتها عليها، و إليه ذهب الفراء
من الكوفيين.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على
أنه يجوز تقديم معمولاتها عليها النقل و القياس.
أما النقل فقد قال اللّه تعالى: كِتابَ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ [النساء: 24] و التقدير فيه:
عليكم كتاب اللّه: أي الزموا كتاب اللّه، فنصب
كتاب اللّه بعليكم، فدل على جواز تقديمه. و احتجوا أيضا بالأبيات المشهورة:
[143]
يا أيّها
المائح دلوي دونكا
إني رأيت
النّاس يحمدونكا
[143] هذا الشاهد قد أنشده رضي الدين في باب
أسماء الأفعال، و شرحه البغدادي في الخزانة (2/ 15) و أنشده ابن يعيش (ص 144) و
أنشده ابن هشام في مغني اللبيب (رقم 859) و في أوضح المسالك (رقم 464) و أنشده
الأشموني (رقم 938) و هو من كلام راجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم، و نسبه
الشيخ خالد لجارية من مازن، و الصواب ما قدمناه و أن الجارية روته و ليس لها. و
المائح- بالهمزة- هو الرجل يكون في جوف البئر يملأ الدلاء، فإن كان وقوفه على شفير
البئر ينزع الدلاء و يجذبها فهو ماتح- بالتاء- و دونكا:
معناه خذ، و الاستشهاد به في قوله «دلوي دونكا»
فإن ظاهره أن «دلوي» مفعول به مقدم لدونك، و بهذا الظاهر أخذ الكسائي و جماعة من
الكوفيين و بنوا عليه قاعدة حاصلها أنه يجوز تقديم معمول اسم الفعل عليه، حملا على
الفعل؛ لأن اسم الفعل إنما عمل لكونه تضمن معنى الفعل، و الفعل يجوز تقديم معموله
عليه، و من تمام حمل اسم الفعل على الفعل أن يجوز في اسم الفعل ما جاز في الفعل
خصوصا أنه قد ورد عن العرب في مثل-
[1] انظر في هذه المسألة: تصريح الشيخ خالد
الأزهري (2/ 252 بولاق) و حاشية الصبان على الأشموني (3/ 177 بولاق) و شرح رضي
الدين على الكافية (2/ 64).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 184