اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 134
19 مسألة [القول في
العامل في الخبر بعد «ما» النافية النّصب][1]
ذهب الكوفيون إلى أن «ما» في لغة أهل
الحجاز لا تعمل في الخبر، و هو منصوب بحذف حرف الخفض. و ذهب البصريون إلى أنها تعمل
في الخبر، و هو منصوب بها.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنها لا تعمل في الخبر، و ذلك لأن القياس في «ما» أن لا تكون
عاملة ألبتة؛ لأن الحرف إنما يكون عاملا إذا كان مختصا، كحرف الخفض لما اختص
بالأسماء عمل فيها، و حرف الجزم لما اختص بالأفعال عمل فيها، و إذا كان غير مختص
فوجب أن لا يعمل كحرف الاستفهام و العطف؛ لأنه تارة يدخل على الاسم، نحو «مازيد قائم» و تارة يدخل على الفعل، نحو «مايقوم زيد» فلما كانت مشتركة بين الاسم
و الفعل وجب أن لا تعمل؛ و لهذا كانت مهملة غير معملة في لغة بني تميم، و هو القياس،
و إنما أعملها أهل الحجاز لأنهم شبّهوها بليس من جهة المعنى، و هو [77] شبه ضعيف
فلم يقو على العمل في الخبر كما عملت ليس؛ لأن ليس فعل، و ما حرف، و الحرف أضعف من
الفعل، فبطل أن يكون منصوبا بما، و وجب أن يكون منصوبا بحذف حرف الخفض؛ لأن الأصل «مازيد بقائم» فلما حذف حرف الخفض وجب أن
يكون منصوبا؛ لأن الصّفات منتصبات الأنفس، فلما ذهبت أبقت خلفا منها، و لهذا لم
يجز النصب إذا قدّم الخبر، نحو «ماقائم زيد» أو دخل حرف الاستثناء نحو «مازيد إلا قائم» لأنه لا يحسن دخول الباء معهما؛ فلا يقال «مابقائم زيد، و ما زيد إلا بقائم» فدل
ذلك على ما قلناه.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على
أن «ما» تنصب الخبر و ذلك
[1]انظر في هذه المسألة:
أسرار العربية للمؤلف (ص 59) و تصريح الشيخ خالد (2/ 236) و كتاب سيبويه (1/ 28) و
حاشية الصبان على الأشموني (1/ 234 بولاق).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 134