كتب كثيرة- كما مرّت- لبيان اختلاف أئمة المذاهب السائدة أو
البائدة؟!
الثاني: ما
هو سبب الاختلاف بين الفقهين: الإماميّ و السنّيّ؟
أمّا الأوّل
فلا نحوم حوله و نتركه عسى ان نستوفي حقّه في مجال آخر، و انّما المهم في المقام
بيان سبب الاختلاف بين الفقه السنّيّ و الفقه الشيعيّ، مع أنّهما صنوان من أصل
واحد يصدران عن الكتاب و السنّة، و مع ذلك نرى بين الفقهين اختلافا واضحا.
إنّ هناك
أسبابا للاختلاف في الفتاوى و الآراء لا يمكن استقصاؤها في هذا التقديم، و انّما
نذكر في المقام، العناصر الّتي تركت تأثيرا كبيرا على اتّساع الهوّة بين الفقهين:
1- الاختلاف في ثبوت
السنّة:
اتّفقت
الأمّة الإسلامية على حجّية السنّة و انّها مصدر ثان للتشريع بعد الذكر الحكيم،
لكن الكلام في شرائط ثبوت السّنة النبوية.
فالشيعة
الإمامية اعتبروا وثاقة الراوي في عامّة سلسلة السند من دون فرق بين الصحابي و
التابعي و من تلاهم. فلا يأخذون بحديث إلّا إذا أحرزت وثاقة الرواة جميعهم بلا
استثناء.
و أمّا
السنّة فقد اعتبروا إحراز الوثاقة في سلسلة السند إلّا في الصحابة، لبنائهم على
عدالة كل صحابي، سواء عرف أم لم يعرف، وثّق أم لم يوثّق، صدر منه ما يخالف الكتاب
و السنّة أم لم يصدر، فالكلّ عدول مطهّرون و في غنى عن التوثيق و التعديل، فعند
ذلك يظهر الاختلاف في ثبوت السنّة.