عن الصادق عليهالسلام أنّه قال يا أبا محمّد إنّه لو كان لك على رجل حق فتدعوه إلى حاكم أهل العدل فيأبى عليك إلّا أن يحاكمك ويرافعك إلى حاكم الجور فإنّه ممّن حاكم إلى الطاغوت ، وهو قول الله عزوجل « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ » الآية ، وقال وإيّاكم وأن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم قاضيا ، فانّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه وقال عليهالسلام لما ولّى عليّ عليهالسلام شريحا اشترط عليه أن لا ينفذ القضاء حتّى يعرضه عليه ، وورد في هذا المعنى أحاديث كثيرة [١].
الحادية عشرة (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ)
« وَشَدَدْنا مُلْكَهُ » أي عقدناه عقدا لا يقدر أحد على حلّه ، قيل كان يبيت حول محرابه أربعون ألف مستلئم يحرسونه وقيل ألقى الله هيبته في قلوب الناس بسبب أنّ رجلا ادّعى على رجل بدعوى ولم يكن له بها بيّنة فرأى داود عليهالسلام في منامه أن اقتل المدّعى عليه فقال في نفسه إنّه منام ، ولم يقتله حتّى أوحى الله إليه في اليقظة وأعلمه داود عليهالسلام فاعترف الرّجل أنّه قتل أبا المدّعي وهو سبب هيبته ، فاشتدّ ملكه بذلك وإذا أراد الله أمرا هيّا سببه ، ولعليّ عليهالسلام أحكام كثيرة تضاهي أحكام داود عليهالسلام بل أعظم ، وصورها في المطوّلات من كتب الأحاديث ، وفي أحكام داود وعليّ عليهماالسلام دلالة على جواز حكم الحاكم بعلمه وإن لم يقم بيّنة.
قوله « وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ » هي الزبور ، وقيل كلّ كلام وافق الحقّ ، وامّا « فَصْلَ الْخِطابِ » فقيل هو الكلام الفاصل بين الحقّ والباطل ، والصحيح والفاسد في الحكومات وغيرها ، وقيل هو الفصل في الكلام في موضعه والوصل في موضعه ونقل الزمخشريّ عن عليّ عليهالسلام هو قوله عليهالسلام البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى
[١] ترى روايات الباب في الكافي ج ٧ ص ٤٠٦ و ٤١٢ وهكذا تفسير العياشي ج ١ ص ٢٥٤. [٢] ص : ١٠.