الخمر في الأصل مصدر خمره إذا ستره سمّي به عصير العنب والتمر إذا غلا واشتدّ لأنّه يخمر العقل أي يستره كما سمّي مسكرا لأنّه يسكره أي يحجزه وهو حرام إجماعا مطلقا وكذا كلّ ما أسكر في الجملة وإن لم يسكر قليله عندنا وقال أبو حنيفة نقيع الزّبيب والتمر إذا طبخ حتّى ذهب ثلثاه حلّ شربه إلّا ما ورث السكر والحقّ خلافه لما تقدّم.
ثمّ اعلم أنّ مذهب الإماميّة أنّ الخمر محرّمة في جميع الشرائع وما أبيحت في شريعة قط وكذا كل مسكر ، وأوردوا في ذلك أخبارا عن أئمتهم عليهمالسلام وأمّا المفسّرون فقالوا نزل في الخمر أربع آيات نزل بمكّة « وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً[٢] » وكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال ، ثمّ إنّ عمرو معاذا ونفرا من الصّحابة قالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنّها مذهبة للعقل ، مسلبة للمال ، فنزلت « فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ » فشربها قوم ، وتركها آخرون ، ثمّ دعا عبد الرحمن بن عوف ناسا منهم فشربوا وسكروا فأمّ بعضهم فقرأ « قل يا أيّها الكافرون أعبد ما تعبدون » فنزلت « لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى[٣] » فقلّ من يشربها ثمّ دعا عتبان بن مالك قوما فيهم سعد بن أبي وقّاص ، فلمّا شربوا وسكروا افتخروا وتناشدوا حتّى أنشد سعد شعرا فيها هجاء الأنصار ، فضربه أنصاريّ بلحى بعير فشجّه موضحة فشكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال عمر : اللهمّ بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت « إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ »