(فَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)[١٠٤] أتى بالفاء الدالة على التعقيب وهو المشهور بين الأصحاب
وهو المعتمد.
قال
رحمهالله : ولو قطع عدة من أعضائه خطأ جاز أخذ دياتها
، ولو كان أضعاف الدية ، وقيل : يقتصر على دية النفس حتى يندمل ، ثمَّ يستوفي
الباقي ، أو يسري فيكون له ما أخذه ، وهو أولى ؛ لأن دية الطرف تدخل في دية النفس
وفاقا.
أقول
: أما وجه أخذ [١٠٥] جميع الديات
وان زادت عن دية النفس فلأن الجناية موجبة للجميع والسراية مسقطة للبعض ، والأصل
عدم الإسقاط لأصالة عدم السراية ، فلا يترك ما يتحقق استحقاقه لاحتمال سقوط ؛ لأن
احتمال السقوط لا يوجب تأخير الحق ، ووجه التأخير ظاهر وهو احتمال السراية الموجبة
لدخول دية الطرف في دية النفس وهو المعتمد [١٠٦].
قال
رحمهالله : ويثبت القصاص في العين وان كان
الجاني أعور خلقة ، وان عمي ، فان الحق أعماه ولا رد ، أما لو قلع عينه الصحيحة ذو
عينين ، اقتص له بعين واحدة ، وهل له مع ذلك نصف الدية؟ قيل : لا ، لقوله تعالى«
وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ » وقيل
: نعم ، تمسكا بالأحاديث ، والأول أولى.
أقول
: إذا قلع ذو
العينين صحيحة الأعور وكان العور خلقة أو بآفة لم يوجب دية اقتص له بعين واحدة ،
وهل تؤخذ له نصف الدية مع ذلك؟ للشيخ قولان : أحدهما : لا ، قاله في الخلاف ، وبه
قال ابن إدريس ، واختاره المصنف ، وذكر وجهه وقواه العلامة في التحرير ، والثاني :
نعم ، قاله في النهاية والمبسوط ،