وذهب ابن
الجنيد الى التفصيل فيهما ، واختاره العلامة في المختلف ؛ لأن المقتضي لتفصيل
الجرح ثابت في التزكية ؛ لأن الشيء قد لا يكون سببا للجرح عند الشاهدين ويكون
جارحا عند الحاكم ، فإذا أطلق الشاهد التعديل تعويلا منه على عدم تأثير ذلك الشيء
، كان تغريرا للحاكم ، ثمَّ قال : والأحوط أن يسمع الجرح مطلقا ، ويستفصل عن سبب
العدالة ؛ لأنه أحوط للحقوق.
قال
رحمهالله : وإذا اختلف الشهود في الجرح والتعديل
قدم الجرح ؛ لأنه شهادة بما يخفى عن الآخرين ، ولو تعارضت البينتان في الجرح
والتعديل ، قال في الخلاف : وقف الحاكم ، ولو قيل : يعمل على الجرح ، كان حسنا.
أقول
: قال الشيخ في
الخلاف : إذا شهد اثنان بالجرح وشهد اثنان [١٥] بالتعديل وجب على الحاكم أن يتوقف ، وقال في المبسوط :
يقدم الجرح على التعديل ، واختاره ابن إدريس وابن حمزة ؛ لأن البينة الجارحة تشهد
بما يخفى على المزكية.
قلت : فعلى هذا
لا يصير فرقا بين اختلاف الشهود في الجرح ، وبين التعارض ؛ لأن الاختلاف هو ان
يشهد شاهدان بالجرح وآخران بالتعديل ، وكذلك التعارض المحكي عن الشيخ ، مع أن
المصنف والعلامة في القواعد والتحرير فرقا بين الاختلاف والتعارض ، وجزما بتقديم
الجرح في صورة الاختلاف ، وحكيا الخلاف في صورة التعارض ، قال العلامة في المختلف
بعد أن حكى قول الشيخ في الخلاف والمبسوط : والحق عندي التفصيل ، وهو أن نقول : إن
جاز الجمع بين الشهادتين حكم بالجرح ، لجواز خفائه على المعدل ، وإن لم يجز وقف
الحاكم ولم يحكم بالشهادة ، بل تتساقط بينة الجرح والتزكية ، وذلك