اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 40
بالصلاة التكليف بما لا يطاق.
و ليس نظر
الكافر المحض- و هو معتقد خلاف الإسلام- في أدلّة الحق و بحثه عنه معدودا من
المهلة، بل هو حينئذ كافر بلا خلاف، و تحقيق المسألة في الكلام.
الثالث: المعرفة مرادفة
للعلم
، بل ربّما
كانت أخصّ منه؛ لأنّها تطلق على من سبق له جهل بما عرفه، و العلم لا يشترط فيه
ذلك.
و من ثمّ
يطلق على اللّه تعالى أنّه عالم، و لا يقال: إنّه عارف؛ لإشعاره بسبق جهل، و حينئذ
نقول:
العلم بهذه
الأشياء و المعرفة لها قد تكون تصورية و قد تكون تصديقية؛ لانقسام العلم إليهما، و
الواجب من ذلك هو المعرفة التصديقية لا التصورية؛ لأنّ تصورها لا يوجب الحكم
بالإسلام أو الإيمان من دون الحكم الجازم بثبوت ما هو ثابت منها و سلب ما هو منفي.
و إنّما لم يقيّد المصنّف المعرفة بالتصديقية- مع أنّ ذلك لازم كما قد عرفته-
اكتفاء بقوله أخيرا: (كلّ ذلك بالدليل)، فإنّ الدليل لا تكتسب به إلّا المعارف
التصديقية، كما أنّ التصورية تكتسب بالقول الشارح.
الرابع: جعل المعرفة بهذه
الأشياء واجبة قبل الصلاة
، أعمّ من
أن يكون قبلها شيء آخر واجب أوّلا، فلا يدل حينئذ على أنّها أوّل الواجبات، و
يحتاج إلى التقييد بالواجب بالذات لئلّا يرد أنّ أوّل الواجبات هو النظر المعرّف
لها؛ لأنّ النظر و إن كان وجوبه أسبق، لكن لا إشعار في العبارة بأنّ المعرفة هي
أوّل الواجبات، و إنّما خصّها بالذكر من دون النظر- مع أنّه أيضا واجب- من باب
مقدّمة الواجب المطلق؛ لأنّها مقصودة بالذات و وجوبه تابع لها، فيلزم من الحكم
بوجوبها- مع كونها واجبا مطلقا- وجوب ما يتوقف عليه، و إذا كان شرطا فيها كان
متقدّما ضرورة، فلا يحتاج في مثل هذا المحل الموضوع للاختصار و الإشارة إلى هذه
الأحكام بالعرض إلى التنبيه على أزيد من ذلك، و تحقيقه في الكلام، و ما سيأتي من
الإحالة عليه كاف في جواز الإجمال.
الخامس: المراد بمعرفة
اللّه تعالى هنا التصديق بكونه موجودا واجب الوجود لذاته،
لا المعرفة
التامة التي لا تتمّ إلّا بمعرفة صفات جلاله و نعوت كماله؛ لما سيأتي بعده من
اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 40