اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 329
بقي في
المسألة مباحث:
الأوّل: المراد بغلبة الظنّ
على أحد طرفي الشكّ أنّ الترجيح المتعقّب للشكّ يرفع حكمه كما يرفع حقيقته
، إذ لا
يمكن اجتماع الشكّ و الظنّ على الشيء الواحد؛ لاشتراط الترجيح في الظنّ و التساوي
في الشكّ، و هما متضادان، لكن طروء أحدهما على الآخر ممكن و إن ارتفع. و الواقع
هنا كذلك، فإنّ المصلّي إذا شكّ و تردّد في الطرفين وجب عليه التروّي، فإن بقي
الشكّ لزمه حكمه، و إن ظنّ أحدهما و رجّحه بنى عليه و ارتفع الشكّ. فهذه العبارة
أجود ممّا ذكره جماعة في قولهم: لا حكم للشّك مع غلبة الظنّ؛ لعدم إمكان المعيّة
حقيقة.
لكن يبقى في
العبارة أنّ الظنّ بأحد الطرفين لا يتوقّف على سبق الشكّ فيهما، بل قد يحصل
الترجيح به ابتداء. و حينئذ فيمكن حمل الظنّ على الشكّ مجازا، كتسمية الشكّ سهوا؛
لتقارب هذه المعاني، فشرّكوا بينهما في العبارة. فيبقى التقدير:
لا حكم
للشكّ الذي يغلب فيه أحد الطرفين و إن استبعد هذا الحكم، فيبني إطلاق الحكم
بالغلبة بعد الشكّ على الغالب من حصول الشكّ أولا، و بالتروّي يحصل الظنّ.
الثاني: التعبير بغلبة
الظنّ يقتضي اشتراط ترجيح زائد على أصل الظنّ تحصل به الغلبة
، و بذلك
عبّر كثير من الأصحاب. و الأصح أنّ ذلك غير شرط، بل يكفي مطلق الظنّ، و به صرّح
المصنّف في الدروس[1]. و يمكن استفادته من قول الصادق عليه السّلام في مستند
الحكم: «إذا وقع وهمك على الثلاث فابن عليه، و إن وقع و همك على الأربع فسلّم و
انصرف»[2]، و غيره من النصوص الكثيرة التي قد عبّر فيها عن الظنّ
بالوهم[3]، و هو أحد معاني الوهم لغة، فيكفي مطلق الترجيح.
و لو أريد
بالوهم هنا معناه المتعارف، و هو الطرف المرجوح، لم تكن حقيقته مرادة إجماعا،
فيصار إلى المجاز أو إلى أقرب المجازات، و هو مطلق الرجحان أو أوّل مراتبه،