اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 217
فكانا معا سببا تاما و أحدهما جزأه.
و أمّا مقام
الثلاثين فإنّه و إن كان لا يتحقّق بدون الوصول، فيكون متأخّرا عنه، إلّا أنّ
الوصول أيضا جزء السبب الموجب للحكم، حيث لا يتحقّق الحال بدونه.
و هذا
الشرط- أعني انتفاء الوصول إلى أحد الثلاثة- شرط استمرار الحكم، كالذي بعده و هو
عدم كثرة السفر، و هما شرطان للقصر في الجملة، و إن خالفا ما تقدّم من الشرائط،
فإنّ تلك شرائط ابتدائه، و هذان شرط دوامه، مع أنّ شرط انتفاء المعصية أيضا يأتي
على الوجهين؛ لأنّها إن حصلت ابتداء منعت ابتداءه، و إن عرضت في أثناء السفر
المباح منعت استدامته.
فكانت
الشروط ثلاثة أنواع، و هي مشتركة في مطلق الشرطيّة و إن كان الطارئ بالمانع أشبه
منه بالشرط، لكن قد وقع ذلك في عبارات الفقهاء وقوعا مستمرّا لا يختص بهذه
الرسالة.
و قد اندفع
بما قرّرناه إشكال الشارح المحقّق على العبارة[1] مع زيادة
تحقيق في المقام،
و بقي في العبارة مباحث:
الأوّل: قد عرفت أنّ الوصول
إلى بلد المسافر موجب لانقطاع سفره
، فعلى هذا
لو كانت له عدّة مواطن في طريق مقصده انقطع سفره ببلوغ كلّ واحد منها، فيجب أن
ينظر إلى المسافة التي بينها، فإن بلغت موجب التقصير قصّر في الطريق، و إلّا فلا.
و كذلك
تعتبر المسافة بين الوطن و بين نهاية مقصده، فإن كان يبلغ المسافة قصّر، و إلّا
فلا.
و لا يضمّ
ذلك إلى العود و إن كان في نيّته الرجوع على غير طريق الوطن، و حينئذ فيتمّ من
الوطن إلى المقصد و يقصّر راجعا إن بلغ المسافة؛ لأنّ لكلّ واحد من الذهاب و العود
حكما برأسه، لا يضم أحدهما إلى الآخر، إلّا في موضع واحد، و هو من قصد أربعة فراسخ
و أراد الرجوع ليومه.