اسم الکتاب : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 107
غيّروا ذاك اللقب الشريف إلى خربنده، و ذلك
لحميّتهم الجاهلية الباردة، و من الواضح لدى العقلاء إنّ صيانة قلم المؤرخ و طهارة
لسانه و عفّة بيانه من البداءة و الفحش من الشرائط المهمّة في قبول نقله و
الاعتماد عليه و الركون إليه- و من العجب أنّ بعض المتأخرين من الخاصة تبع تعبير
القوم عن هذا الملك الجليل و لم يتأمّل أنّه لقب تنابزوا به- و ما ذلك إلّا لبغض
آل الرسول الداء الدفين في قلوبهم و تلك الأحقاد البدرية و الحنينية، و إلّا فما
ذنب هذا الملك بعد اعترافهم بجلالته و عدالته و شهامته و رقّة قلبه و حسن سياسته و
تدبيره[1].
و اختيار هذا
الملك مذهب التشيّع لم يكن عن ميل النفس و الهوى، أو احتياج لبقاء سلطنته، و إنّما
كان بعد مناظرات علّامتنا أبي منصور مع علماء الفرق كافّة فأوقعهم في مضيق
الالتزام و الافحام، و أثبت عليهم حقّية مذهب أهل البيت الكرام.
قال الخواجة
نظام الدين عبد الملك المراغي- الذي هو أفضل علماء الشافعية، بل أفضل و أكمل علماء
أهل السنّة- بعد ما سمع أدلة العلّامة على حقّية مذهب أهل البيت، قال: أدلة حضرة
هذا الشيخ في غاية الظهور، إلّا أنّ السلف منّا سلكوا طريقا، و الخلف لإلجام
العوام و دفع شقّ عصا أهل الإسلام سكتوا عن زلل أقدامهم، فبالحريّ أن لا تهتك
أسرارهم و لا يتظاهر في اللعن عليهم[2].
و كان هذا
السلطان كما قال الحافظ الآبرو الشافعي المعاصر له: صاحب ذوق سليم يحبّ العلم و
العلماء بالأخص السادات. و ذكر بعد هذا أنّ ممالك إيران عمرت في زمانه، و اتفقت
القبائل فيما بينها و أطاعت له الأمراء، حتى أجمعت العرب و العجم على إطاعته، و
أسّس هذا السلطان في جميع البلاد المدارس و المساجد[3].