اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 98
و جلى بمعنى واحد كما يقال تصدق و صدق و تحدث و حدث و النظر إلى الشيء
يقول تجلى فلان لفلان إذا نظر إليه و تجلى البازي للصيد إذا رفع رأسه ناظرا إليه
فالأول غير جائز على الله تعالى لأن الظهور و الكمون تغير و هو من صفات المحدث و
لو أراد تعالى ذاته لم يكن لذلك معنى لأن المتجلي يكون إما بمقابلة أو ظهور فلو
أريد به المقابلة فصار الجبل دكا وجب أن يستقر له مكان في العرش و غيره بل يصير
دكا و إن أراد ظهر لكان لا يصح لأنه تعلق نفي الرؤية بأن لا يستقر الجبل و المعلوم
أنه لا يستقر بأن ينكشف له و يرى لأن ذلك في حكم أن يجعل الشرط في أن لا يرى ما
يوجب أن يرى و ذلك متناقض و يحتمل أنه لما أظهر الله تعالى للجبل من آيات الآخرة
صار الجبل دكا إذ قد بينا أن ظهوره ظهور آياته كما قال الحسن تجلى ربه بدا له نور
العرش-
و في
رواية تجلى الله علما من أعلام يوم القيامة فاقتلع الجبل
و يحتمل أن
يكون في الكلام تقديم و تأخير فيكون معناه فلما تجلى موسى للجبل أي فلما رفع رأسه
ناظرا إليه جعله ربه دكا و ذلك أنه قال انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ
فَإِنِ اسْتَقَرَّ و نظيره أَ لَمْ تَرَ إِلىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ
الظِّلَّ و تقديره أ لم تر إلى الظل كيف مده ربك
فصل [في اللقاء]
2/ 223
قوله تعالى وَ
اتَّقُوا اللّٰهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلٰاقُوهُ-
يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّكَ كٰادِحٌ إِلىٰ رَبِّكَ
كَدْحاً فَمُلٰاقِيهِ فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ التعلق
بظواهرها لا يصح لأن اللقاء عندهم أفضل ثواب الله و الله تعالى حذرهم من لقائه بعد
الأمر باتقائه و هم متى ما اتقوه لقوه بزعمهم و متى ما لم يتقوه لم يلقوه فالتوعد
بذلك لا يصح عندهم لأنه من أفضل الثواب و لو كان اللقاء الرؤية لرآه المؤمنون و
الكافرون لأنه أخبر أنهم الذين يعلمون و يعتقدون أنهم ملاقو الله و عندهم أنه إنما
يراه المستحقون لثوابه و ليس أحد يعلم يقينا أنه مستحق للثواب فإذا لم يجز أن يعلم
أحد أنه يراه صح أن الملاقاة غير الرؤية و الملاقاة مفاعلة من اللقاء و أصله
استقبال الشيئين أحدهما للآخر يقال داري تلقاء داره و يستعمل في الرؤية لاستقبال
الرائي المرئي و الظاهر يقتضي أنهم يستقبلون الله و الله يستقبلهم و لو تركوا
الظاهر سقط تعلقهم و إن كانت الملاقاة استقبال أحد الشيئين للآخر فلا معنى للتوعد
به لأنهما لا يوجبان تحذيرا و لا تخويفا و ظاهر اللفظ يوجب أنهم يعلمون أنهم
يلقونه في الوقت-
اسم الکتاب : متشابه القرآن و مختلفه المؤلف : ابن شهرآشوب الجزء : 1 صفحة : 98