اسم الکتاب : غاية المراد في شرح نكت الإرشاد المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 0 صفحة : 246
و فيها قتل محمّد بن مكّي و عرفة كبيرا الرافضة بدمشق و طرابلس، حين
تجاهرا بالمعاصي و العناد، و تظاهرا بالزندقة في مخالفة الله و رسوله و موافقة
المردة من العباد، و نأيا عن الحقّ في استماع الأمر، و رأيا رأي النصيرية[1] في تحليل الخمر، و قالا بتعظيمها
كالمجوس و أهل الفجور، و اعتقدا معتقدهم في أنّها من النور، و خرجا بما عندهما من
الرفض، و نصبا أنفسهما اللعينة لرفع مقالة أولي الخفض، و دعوا إلى إجابة دعوة نصير
و الركون إليها، و تغاليها في محبّة ابن ملجم [!؟] و جمع قلوب غير الناس [كذا، و
لعلّ الصواب: غيرهما من الناس] عليها، و تماديا في الضّلال و الإضلال، و ناديا على
نفوسهما بقبح الخلال و الإخلال، و لا برحا كذلك إلى أن وصل كلّ منهما أسباب غيّه
بأسباب حتفه، و كان كما قيل: «كالباحث عن حتفه بظلفه»[2]. و كان قتل محمّد بن مكّي المذكور تحت قلعة دمشق، و قتل
عرفة بطرابلس، عليهما من الله ما يستحقّانه[3].
و قال شمس
الدين الجزري (م 833) في ترجمة الشهيد:
محمّد بن
مكّي بن محمّد بن حامد أبو عبد الله الجزّيني الشافعي. كذا كتب بخطّه لي في
استدعاء، و لكنّه شيخ الشيعة و المجتهد في مذهبهم. ولد بعد العشرين و سبعمائة، و
رحل إلى العراق، و أخذ عن ابن المطهّر و غيره، و قرأ القراءات على أصحاب ابن مؤمن،
و ذكر لي ابن اللبّان أنّه قرأ عليه. و هو إمام في الفقه و النحو و القراءة، صحبني
مدّة مديدة فلم أسمع منه ما يخالف السنّة، و لكن قامت عليه البيّنة بآرائه، فعقد
له مجلس بدمشق، و اضطرّ فاعترف ليحكم بإسلامه الشافعي، فما حكم و جعل أمره إلى
المالكي، فحكم بإراقة دمه، فضربت عنقه تحت القلعة بدمشق. و كنت إذا ذاك بمصر. و
أمره إلى الله تعالى[4].
[1]
للوقوف على مذهب النصَيرية انظر «صبح الأعشى» ج 13، ص 253- 254.
[2] مثل،
انظر معناه في «تاج العروس» ج 5، ص 163، «بحث».