وَ سَأَلَهُ عَمَّارٌ حِينَ دَخَلَ الْبَصْرَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَسِيرُ فِي هَؤُلَاءِ فَقَالَ بِالْمَنِّ وَ الْعَفْوِ كَمَا سَارَ النَّبِيُّ ص فِي أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ افْتَتَحَهَا بِالْمَنِّ وَ الْعَفْوِ.
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ قَالَ: سَارَ عَلِيٌّ ص بِالْمَنِّ وَ الْعَفْوِ فِي عَدُوِّهِ مِنْ أَجْلِ شِيعَتِهِ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ بَعْدِهِ فَأَحَبَّ أَنْ يَقْتَدِيَ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ بِهِ فَيَسِيرَ فِي شِيعَتِهِ بِسِيرَتِهِ وَ لَا يُجَاوِزَ فِعْلَهُ فَيَرَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ تَعَدَّى وَ ظَلَمَ وَ إِذَا انْهَزَمَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَ كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ يَلْجَئُونَ إِلَيْهَا أُتْبِعُوا وَ طُلِبُوا وَ أُجْهِزَ عَلَى جَرْحَاهُمْ وَ قُتِلُوا بِمَا أَمْكَنَ قَتْلُهُمْ وَ كَذَلِكَ سَارَ عَلِيٌّ ص فِي أَصْحَابِ صِفِّينَ لِأَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ وَرَاءَهُمْ وَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ لَمْ يُتْبَعُوا بِالْقَتْلِ وَ لَمْ يُجْهَزْ عَلَى جَرْحَاهُمْ لِأَنَّهُمْ إِذَا وَلَّوْا تَفَرَّقُوا.
وَ كَذَلِكَ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّهُ سَارَ فِي أَهْلِ الْجَمَلِ لَمَّا قُتِلَ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ وَ أُخِذَ عَائِشَةُ وَ هُزِمَ أَصْحَابُ الْجَمَلِ نَادَى مُنَادِيَهُ لَا تُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ وَ لَا تَتْبَعُوا مُدْبِراً وَ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ ثُمَّ دَعَا بِبَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص الشَّهْبَاءِ فَرَكِبَهَا ثُمَّ قَالَ تَعَالَ يَا فُلَانُ وَ تَعَالَ يَا فُلَانُ حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيْهِ زُهَاءُ سِتِّينَ شَيْخاً كُلُّهُمْ مِنْ هَمْدَانَ قَدْ تَنَكَّبُوا الْأَتْرِسَةَ وَ تَقَلَّدُوا السُّيُوفَ وَ اعْتَقَلُوا الْأَسِنَّةَ[1] وَ لَبِسُوا الْمَغَافِرَ فَسَارَ وَ هُمْ حَوْلَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَارٍ عَظِيمَةٍ فَاسْتَفْتَحَ فَفُتِحَ لَهُ فَإِذَا هُوَ بِنِسَاءٍ يَبْكِينَ بِفِنَاءِ الدَّارِ فَلَمَّا نَظَرْنَ إِلَيْهِ صِحْنَ صَيْحَةً وَاحِدَةً وَ قُلْنَ هَذَا قَاتِلُ الْأَحِبَّةِ قَالَ فَلَمْ يَقُلْ لَهُنَّ شَيْئاً وَ سَأَلَ عَنْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَفُتِحَ لَهُ[2] فَسُمِعَ مِنْهَا كَلَامٌ شَبِيهٌ بِالْمَعَاذِيرِ لَا وَ اللَّهِ وَ بَلَى وَ اللَّهِ ثُمَّ خَرَجَ فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ طِوَالَةٍ[3] أَدْمَاءَ تَمْشِي فِي الدَّارِ فَقَالَ لَهَا يَا صَفِيَّةُ قَالَتْ لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَ لَا تُبْعِدِينَ هَؤُلَاءِ الْكَلَبَاتِ عَنِّي يَزْعُمْنَ أَنِّي قَاتِلُ الْأَحِبَّةِ وَ لَوْ قَتَلْتُ الْأَحِبَّةَ[4] لَقَتَلْتُ مَنْ فِي هَذِهِ الْحُجْرَةِ وَ مَنْ فِي هَذِهِ الْحُجْرَةِ وَ مَنْ فِي هَذِهِ الْحُجْرَةِ وَ أَوْمَى إِلَى ثَلَاثِ حُجَرَاتٍ فَمَا بَقِيَ فِي الدَّارِ صَائِحَةٌ إِلَّا
[1]. و اعتقلوا الأسنةF omits .
[2]. بابها فدخلT .F adds .
[3]. الطوال بالضم يقال طويل و طوال، فإذا أفرط في الطول قلت طوال، من ضياء الحلومT gl ..
[4]. و لو كنت قاتل الأحباءF .