اسم الکتاب : تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية - ط القديمة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 3
فصل و يحرم
كتمان العلم و الفقه
قال تعالى
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ
الْبَيِّنٰاتِ وَ الْهُدىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ
لِلنّٰاسِ فِي الْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰهُ
وَ يَلْعَنُهُمُ اللّٰاعِنُونَ و قال إِنَّ
الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ الْكِتٰابِ وَ
يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولٰئِكَ مٰا يَأْكُلُونَ فِي
بُطُونِهِمْ إِلَّا النّٰارَ و قال عليه السّلام من كتم علما ألجمه
اللّٰه يوم القيامة بلجام من نار و قال عليه السّلام إذا ظهرت البدع في
أمّتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّٰه
فصل و روي عن زين العابدين
عليه السّلام أنه قال حقّ العالم التعظيم له
و التوقير
لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و أن لا ترفع عليه صوتك و لا تجيب أحدا
يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب و لا تحدّث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده
أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء و أن تستر عيوبه و تظهر حسناته و لا تجالس
له عدوّا و لا تعادي له وليّا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّٰه بأنّك
قصدته و تعلّمت علمه للّه جلّ اسمه لا للناس و أمّا حق رعيّتك بالعلم فأن تعلم أنّ
اللّٰه عز و علا إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه
فإن أحسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك اللّٰه من
فضله و إن أنت منعت النّاس علمك أو حرمت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّا على
اللّٰه أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلّك
فصل و يستحبّ طلب العلم و
يجب على الكفاية
لقوله عليه
السّلام طلب العلم فريضة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طلب العلم فريضة على
كلّ مسلم ألا إن اللّٰه يحب بغاة العلم و قال صلّى اللّٰه عليه و آله
لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع أو مستمع واع و قال عليه السّلام من سلك
طريقا يطلب فيه علما سلك اللّٰه به طريقا إلى الجنّة و إنّ الملائكة لتضع
أجنحتها لطالب العلم رضا به و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السّماوات و من في
الأرض حتى الحوت في البحر و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب
ليلة البدر و إنّ العلماء ورثة الأنبياء لأنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا
درهما و لكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر و قال صلّى اللّٰه عليه
و آله نعم وزير الإيمان العلم و نعم وزير العلم الحلم و نعم وزير الحلم الرّفق و
نعم وزير الرّفق العزة [العبرة الصبر] و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طالب
العلم يستغفر له حيتان البحر و طيور الهواء و قال صلّى اللّٰه عليه و آله
اغد عالما أو متعلّما أو مستمعا أو محبّا لهم و لا تكن الخامس فتهلك و قال صلّى
اللّٰه عليه و آله من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه و يعلّمه
غيره كتب اللّٰه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها و حفته
الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السّماء و حيتان البحر و دواب البرّ و أنزله
اللّٰه بمنزلة سبعين صدّيقا و كان خيرا له أن لو كانت الدّنيا كلّها له
فجعلها في الآخرة
فصل و يحرم الإفتاء بغير
علم و كذا الحكم
قال تعالى وَ
أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّٰهِ مٰا لٰا تَعْلَمُونَ قال وَ
لٰا تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ و قال تعالى وَ
مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ و قال رسول
اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك و من
أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك و
قال صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح
فصل و يجب على العالم العمل
كما يجب على غيره لكنّه في حق العالم آكد
و لهذا جعل
اللّٰه ثواب المطيعات و عقاب العاصيات من نساء النبيّ ضعف ما جعل لغيرهن
لقربهنّ من الرّسول صلّى اللّٰه عليه و آله و استفادتهنّ العلم و روي عن
أمير المؤمنين عليه السّلام أنه حدث عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله قال
العلماء رجلان رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج و رجل تارك لعلمه فهذا هالك و إن أهل
النّار ليتأذون من ريح العالم التّارك لعلمه و إن أشدّ أهل النّار ندامة و حسرة
رجل دعا عبدا إلى اللّٰه سبحانه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّٰه
فأدخله الجنّة و أدخل الداعي إلى النّار بتركه علمه قال عليه السّلام إن أخوف ما
أخاف خصلتان اتباع الهوى و طول الأمل أما اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و أمّا طول
الأمل فينسي الآخرة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله الفقهاء أمناء الرّسل ما
لم يدخلوا في الدّنيا قيل يا رسول اللّٰه و ما دخولهم في الدّنيا قال اتباع
السّلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم
فصل و العلم من أشرف
الكيفيّات النّفسانية و أعظمها
به يتميز
الإنسان عن غيره من الحيوانات و به يشارك اللّٰه تعالى في أكمل صفاته و طلبه
واجب على الكفاية و مستحبّ على الأعيان على ما بيّناه و هو أفضل من العبادة فيجب
على طالبه أن يخلص للّه تعالى في طلبه و يتقرّب به إليه لا يطلب به الرّياء و
الدّنيا بل وجه اللّٰه تعالى فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال قال
رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله منهومان لا يشبعان طالب دنيا و
طالب علم فمن اقتصر من الدّنيا على ما أحلّ اللّٰه له سلم و من تناولها من
غير حلها هلك إلّا أن يتوب أو يراجع و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا و من
أراد به الدّنيا فهو حظه و قال صلّى اللّٰه عليه و آله علماء أمّتي كأنبياء
بني إسرائيل
فصل و لكلّ علم أسرار لا
يطلع عليها من الكتب فيجب أخذه من العلماء
و لهذا قال
صلّى اللّٰه عليه و آله خذ العلم من أفواه الرّجال و نهى عن الأخذ ممن أخذ
علمه من الدّفاتر و قال لا يغرنّكم الصّحفيون و أمر عليه السّلام بالمحادثة في
العلم و المباحثة فإنّها
اسم الکتاب : تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية - ط القديمة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 3