اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 29
الباب الأول
فيما نذكره من كيفية العزم و النية للأسفار و ما يحتاج إليه قبل الخروج من المسكن
و الدار و فيه فصول
الفصل الأول فيما نذكره من
عزم الإنسان و نيته لسفره على اختلاف إرادته
اعلم أن
العقل و النقل و الفصل كشف أن المتشرف بالتكليف لا يخلو من إحاطة علم الله جل
جلاله به و أنه كالأسير في قبضته و المشمول باتصال نعمته باستمرار وجوده و حياته و
عافيته و المأمور بحفظ حرمة مقدس حضرته و لزوم الأدب لعظيم هيبته فكما أن الإنسان
إذا حضر بين يدي سلطان عظيم الشأن عميم الإحسان و تقيدت إرادته و حركاته و سكناته
بلزوم الأدب مع ذلك السلطان حيث هو في حضرته و لا يكون معذورا إذا وقع منه شيء
مخالف لإرادته و لا تهوين بحفظ حرمته فكذا ينبغي أن يكون العبد مع الله جل جلاله
بل أعظم و أعظم و أعظم لأجل التفاوت العظيم بين الله جل جلاله رب الأرباب و مالك
الأسباب و بين سلطان خلق مِنْ تُرٰابٍ و مِنْ
طِينٍ و مٰاءٍ مَهِينٍ يئول أمره إلى الخراب و الفناء و الذهاب.
فيكون سفر الإنسان لا يخلو عن امتثاله لأجل الله جل جلاله في أسفاره و يتخذه حاميا
و خفيرا في ساعات ليله و نهاره و لا أرى له أن يعزل الله جل جلاله عن ولايته عليه
و يعتزل هو بنفسه عن الأدب بين يديه و يجعل الطبع أو الشهوات هي الولاة عليه جل
جلاله و هذا مما أعتقد أن الإنسان يخاطر به مع مالك دنياه و أخراه و يخرج عن حماه
و يصير ضائعا متلفا بذلك لنفسه و لجميع ما وهبه و أعطاه. و متى اعتبر الإنسان آداب
المنقول و الأدعية و الأوامر عن الله جل جلاله و الرسول رأى أنه ما يخلو سفر من
الأسفار إلا و له مدخل في العبادة و السعادة في دار القرار فهذا ما رأينا بالله جل
جلاله التنبه عليه فمن أراد الاحتياط لآخرته اعتمد عليه و من أراد أن يكون عند
الطبع فيكون دركه و ثوابه عليه
اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 29