اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 107
حالك و وقتك فالناس يختلف حالهم في الاهتمام و الإهمال
الفصل الخامس في ذكر ما
نختاره من الآداب و الدعاء عند ركوب الدواب
اعلم أنني
رأيت أن إنعام الله جل جلاله بالدواب و تسخيرها لذوي الألباب قد وقع الغفول عنه
حتى كأنها ليست منه و وجدت السائس للدابة يعرف له حق سياسته و يكون له في القلب
موضع بمقدار شفقته و الركيبدار يعرف له حق معرفته و حرمة إسراج الدابة و تحميلها و
تقديمها لركوب صاحبها في حاجته و ليس في القلب و لا في شكر اللسان مكان لمعرفة حق
منشئها و جالبها و واهبها و مسخرها و ميسرها و هذه الغفلة من الإنسان مخاطرة هائلة
بغضب الله جل جلاله و بكل ما وهبه للعبد من الإحسان. أقول و ينبغي للعبد إذا أكرمه
مولاه أن يراعي حق إكرامه و حق ما أولاه و متى غفل و أهمل شكر ما أنعم به عليه كان
العبد مستحقا لاستعادة كل ما وصل إليه. أقول و يكشف هذا بمثال نذكره و مقال نسطره
فنقول لو أن الله جل جلاله ما أعطى أحدا من الخلائق في المغارب و المشارق دابة إلا
أنت و كان الناس كلهم عزيزهم و ذليلهم و غنيهم و فقيرهم إذا سافروا مشوا في
أسفارهم على أقدامهم و حملوا قماشهم على ظهورهم و ظهور غلمانهم و أنت معك دابة
تركب عليها و تحمل قماشك للسفر عليها كيف كنت تكون في سرورك بها و تعظيم الواهب
لها. فالأمر الآن على هذه الحال لأنك تعلم أن خلقا كثيرا ما لهم دابة في الأسفار و
يمشون على أقدامهم و يحملون قماش سفرهم على ظهورهم و أما من حصل له منهم شيء من
الدواب كما حصل لك فلا يجوز في عقل و لا نقل يليق بالصواب أن يكون إنعام الله جل
جلاله على غيرك بدابة مثل دابتك أن يسقط عنك حق الدابة التي وهبك إياها و جعلها من
جملة نعمتك فكيف ساغ في المعقول و المنقول أن يكون لسائسك و الذي يسرج دابتك موضع
من خاطرك و ذكر في سرائرك أو ظواهرك و الله جل جلاله المنشئ لها و المنعم بها و
المسخر لها قلبك خال منه و من هديتها لك و مسيرها بك هذا لا يليق بالتوفيق و أنت
مخاطر في ركوبها في الطريق. أقول و لقد كنت قد خرجت في بعض الأسفار و معنا جماعة
من ذوي
اسم الکتاب : الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 107