اسم الکتاب : أجوبة مسائل و رسائل في مختلف فنون المعرفة المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 104
رجل قد طلّق ثلاثا فأوجع ظهره و ردّها إليه، و بعد ذلك رفع إليه رجل
قد طلّق كالاوّل فأبانها فيه، فقيل له في اختلاف حكمه في الرّجلين فقال: قد أردت
أن أحمله على كتاب اللّه عزّ و جلّ فخشيت أن يتتايع فيه السّكران و الغيران.
فاعترف بأنّ
المطلّقة ثلاثا تردّ إلى واحدة على حكم الكتاب، و أنّه إنّما أبانها منه بالرأي و
الاستحسان، فعملنا من قوله على ما وافق القرآن، و رغبنا عمّا ذهب إليه من جهد
الرأي، على أنّه لا خلاف بين أهل اللسان و أهل الإسلام لو قال في ركوعه سبحان ربّي
العظيم فقط، ثمّ قال في عقيبه ثلاثا، لم يكن مسبّحا ثلاثا، و لو قرأ الحمد مرّة
ثمّ قال في آخرها بلفظ عشرة، لم يكن قارئا لها عشرا.
و قد أجمعت
الأمة على أنّ الملاعن لو قال في شهادته: أشهد باللّه أربعا أنّي لمن الصادقين، لم
يكن شاهدا أربع مرّات على الحقيقة، حتى يفصلها، و لو أنّ حاجا رمى سبع حصيات في
دفعة واحدة لم يجزه ذلك عن سبع متفرّقات، و هذا كلّه دليل على أنّه إذا قال: أنت
طالق، ثمّ قال: ثلاثا لم يكن مطلّقا ثلاثا، فهذا بيّن واضح لمن تدبّره و دقّق
النّظر فيه و حرّره، و ترك التقليد جانبا، و حبّ المذهب و العشق و العادة وراء
ظهره، و أنصف من نفسه، و وزن الحقّ بميزان عقله، و خاف عقاب ربّه، و اعتقد للمعاد
و الحساب و السؤال من منكر و نكير في رمسه، و استدرك في يومه ما فرط في أمسه،
وفّقنا اللّه و إياك لما يحبّ و يرضى.
اسم الکتاب : أجوبة مسائل و رسائل في مختلف فنون المعرفة المؤلف : ابن إدريس الحلي الجزء : 1 صفحة : 104