اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 69
الحواس و الخيال و ذلك لحصول قوة في النفس بها تقتدر ان تأخذ صور
المعقولات من المخيّلات، و النظريات من البديهيات؛ مثل الذين فيهم ملكة الصناعات،
القادرين بأنفسهم على ان يعملوا اعمالهم.
و الاول أعنى الهيولانى ما كان شبيها[1]بهؤلاء،[2]بل
بالذين فيهم قوة بعيدة يقبلون بها ملكة الصناعة حتى يصيروا بتلك الملكة صانعا[3]كالاطفال و الناقصين؛ و امّا هذه الملكة
ففى الذين قد استكملوا و صاروا معدودين من جملة العقلاء.
المقام الثالث:هو العقل
الفعّال، و هو الّذي به صار الهيولانى ذا ملكة الانتقال. و قياس هذا الفاعل- كما
يقول أرسطو- قياس الضوء، لأنّه كما ان الضوء علة الالوان المبصرة بالقوة في ان
تصير مبصرة بالفعل، كذلك هذا العقل يجعل العقل الهيولانى الّذي بالقوة بان يثبت
فيه ملكة التصور العقلى، و يجعل الصور الهيولانية التى بالقوة هى معقولة بالفعل، و
هذا الثالث هو بطبعه معقول، و هو بالفعل كذلك، سواء عقله عاقل أم لا؛ لانه فاعل
التصور العقلى و سائق العقل الهيولانى الى العقل بالفعل، و كذلك هو عقل فعّال، لان
الصور الهيولانية انما تصير به معقولة بالفعل[4]و قد كانت معقولة بالقوة اذا كان هذا العقل يجرّدها من
الهيولى التى معها و يجعلها معقولة، و لم يكن من قبل و لا في طبيعتها ان يكون
معقولة، كما ان بالنور البصرى الفائض على القوة الباصرة يصير هذه القوة مبصرة
بالفعل واجدة الاجسام و الالوان التى بحيالها مبصرة بالفعل و ما كانت الّا مبصرة
بالقوة، فذلك النور بطبيعته مرئىّ و رائى، لا يمكن ان يكون غير ذلك او يكون
بالقوة، بل هو بالفعل كذلك دائما.
فكذلك هذا النور المشرق العقلى اذا اشرق على العقل بالقوة صار عقلا
بالفعل، و اذا اشرق على الصور المتخيّلة أو المحسوسة التى تناسبه صارت كلّها