اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 459
لما كان الشيء الانتزاعى الّذي[1]لا تحقق له بذاته بل هو تابع في تحققه لغيره لا يصح ان يمنع
الانعدام و يتقدم على الاتصاف بغيره في ذلك المنع و التقدم، يعلم ان له حقيقة
متحققة[2]فى نفس الامر.
و أيضا: لا شبهة في ان الماهيات باعتبار ذواتها مع قطع النظر عن
انضمام الوجود إليها لا تكون منشأ لانتزاع الموجودية، و الوجود الاعتبارى[3]الانتزاعى لا تحقق له في الخارج في نفس
الامر، فبملاحظة ان انضمام المعدوم الى المعدوم[4]لا يفيد الموجودية، يعلم ان الوجود حقيقة ثابتة في نفس الامر
هى منشأ انتزاع الموجودية.
و أيضا: الاشياء المغايرة للوجود انما يكون تحققها بالوجود، فالوجود[5]نفسه اولى بالتحقق ضرورة ان ما لا تحقق
له لا يفيد التحقق لغيره.
قال المتكلم في جوابه: انا لا نفهم من الوجود الّا كونه منشأ للآثار،
و الشيء يصير منشأ لها باعتبار علته، فالمعدوم ما لم يتحقق علته لا يمكن للعقل
انتزاع هذا المعنى عنه، و اذا تحققت علته ينتزع منه ذلك، و هو عبارة عن وجوده، ليس
الّا[6]،
و
لا يحتاج الموجود في كونه منشأ للآثار الّا الى علته فقط.
اقول: ان الذوق السليم و الطبع المستقيم يحكم بداهة بان كون الشيء
منشأ للآثار معنى متأخر عن تحققه تابع له متفرع عليه، ضرورة ان الشيء ما لم يتحقق
لم يصر منشأ لشيء فقط، و يلزم من هذه المقدمة البديهية و مما اعترفوا به ان يكون
تحقق الشيء عبارة عن علته، و حينئذ فالعلة التى هى التحقق ان كان تحققها بذاتها
لا بتحقق علة اخرى فهو المطلوب، و الّا ننقل الكلام الى تحققه اى علته و تحقق
تحققه و هكذا، فلا بد ان ينتهى الى تحقق قائم بذاتها حاصل بنفسه، و هو عبارة عن
الوجود الحقيقى و حقيقة الوجود، و هو الّذي يصير به كل شيء منشأ للآثار، و هو علة