اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 455
بعض اشعاره و امثالها، و هم في مذهبهم هذا يشبهون التناسخية في
التناسخ.
(2): و مرة يقولون:
ان الموجود حقيقة ليس الّا شيئا واحدا هو ذات الوجود، و اما التعدد و التكثر فامر
اعتبارى، لا على سبيل التنزل في اصل الذات كما قال الاولون، بل الذات الواحد عين
تلك التعددات في الواقع الّا ان العقل يغلط و يزعم انها غيره. و يمثّلون لهذا
بالبحر و الامواج، فكما ان الامواج ليست الّا البحر لكن الحس المغالط يزعمها غيره،
فكذا حال الموجودات الظاهرية مع الوجود الحقيقى؛ كما يستفاد من بعض اشعار المولوى
في «المثنوى» و غيره أيضا كالسحابى في ظاهر بعض اشعاره، و عبد
الرزاق الكاشى في صريح كلامه، حيث قال اذا سئل عن الحلول و الاتحاد: «هماباطلان
بداهة، ليس في الدار غيره ديّار»، و اشباههما.
(3): و مرة يقولون:
ان التعدد حقيقى و ليس اعتباريا الّا ان الوجود الحقيقى في الخارج عين تلك
التعددات متحد معها، و المغايرة ليست الّا في العقل. فنسبة الوجود الحقيقى الى
الموجودات كنسبة الكلى الطبيعى الى افراده على مذاقهم، كما ذهب إليه عبد اللّه
البليانى في رسالته التى موضوعه حديث: من عرف نفسه فقد عرف ربّه، و حمل معنى
الحديث على ان العارف اذا عرف حقيقة نفسه عرف انه ليس الّا ربه، و كذا اذا عرف
جميع الحقائق بحقائقها عرف انها ليست الّا هو؛ و التخصيص في الحديث انما هو على
سبيل التمثيل اشارة الى سهولة طريق المعرفة. و قال محيى الدين العربى في خطبة «الفتوحات»[1]: «سبحانالّذي خلق الاشياء و هو عينها». و هذا المعنى
غير الحلول و الاتحاد المشهورين، فان هؤلاء صرحوا بانه تعالى فى الازل فرد واحد، و
هو الآن كما كان؛ و الحلول و الاتحاد عبارة عن صيرورة العارف بعد الوصول الى مرتبة
كمال التجرد بكثرة الرياضة و المجاهدة محلا للذات القدسية المنزهة، او متحدا معه-
تعالى عن ذلك-. و بالجملة يعتبر فيهما التغاير أولا بخلاف الاول، فافهم.