اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 448
فلينظر العاقل الى عظمة هذه العوالم و الى حقارة عالم المحسوس و ما
عليه من البحور و الاشجار، و قد ورد عن اهل اللّه بالاتفاق ان العالم الحسى
بالنسبة الى المثالى الواقع بين العالمين كحلقة ملقاة في بيداء لا نهاية لها. و
العالم المثالى عندهم عالم روحانى من جوهر نورانى شبيه بالجوهر الجسمانى من كونه
محسوسا مقداريا، و بالجوهر المجرد من كونه نورانيا، و ليس بجسم مادى و لا بجوهر
عقلى، لانه برزخ و حد فاصل بينهما؛ و كل ما هو برزخ بين الشيئين لا بد و ان يكون
غيرهما بل له جهتان يشبه بكل منهما ما يناسب عالمه. و قالوا: العالم المثالى يشمل
على العرش، و العرش على الكرسى، و الكرسى يشتمل[1]السموات السبع و الارضين السبع و ما في جوفهما من الافلاك.
اقول: بحث العالم المثالى دقيق، و مع دقته طويل، و الغرض من ذكره انه
لو كان هناك عالم بين العوالم الروحانية و الجسمانية بهذه السعة فكيف يكون سعة
العوالم التى فوقه بمراتب غير متناهية! و يعرف بهذه الصفة الجنة التى[2]الصورية، قال اللّه تعالى فيها:جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ
وَ الْأَرْضِ[3]،
و
قول النبي صلّى اللّه عليه و آله: يعطى كلّ مؤمن يوم القيامة من الجنّة مثل
الدّنيا سبع مرّات[4]. و جنّة عرضها
بهذه المثابة فكيف حال طولها؟ و يعطى كلّ مؤمن سبع مرات مثلها، فكيف يكون سعة تلك
الجنة! و اذا فرضنا هذا في الجنة الصورية فكيف يكون حال الجنة المعنوية التى هى
فوقها بمراتب متعددة بل بمراتب غير متناهية، لقوله تعالى:وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها[5].
و الجنّات من اعظم نعم اللّه و كل ما يتصور الانسان دنا و آخره[6]فهو من نعمته كما قال تعالى:وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً
وَ باطِنَةً.[7]و على جميع
التقادير ليست قابلة