اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 437
و كذا الحال في الرحمة، فان رحمته تعالى وجوده ليست لعوض و لا لغرض،
كما ان احدا منا اذا اعطى فانما يعطى ليأخذ عوضا اما جسمانيا مثل ان يعطى درهما
ليأخذ خبزا، و اما روحانيا كأن يعطى المال لطلب الثواب الجزيل او الثناء الجميل او
لطلب الاعانة او الخدمة، او ليزيل حب المال عن نفسه، او ليدفع الرقة الجنسية عن
قلبه[1]. و بالجملة فان
كل من اعطى فانما يعطى ليتوسل بذلك الى كمال لم يكن حاصلا، فيكون في الحقيقة
استعاضة و لا يكون جودا و تفضلا. و اما الواجب تعالى فانه كامل لذاته، و جميع
كمالاته حاصل بالفعل، فيستحيل ان يعطى ليستفيد به كمالا، فهو الجواد المطلق و
المنعم الحقيقى، و هكذا الحال في سائر الصفات.
خاتمة و فيها فوائد:
الفائدة الاولى:
اعلم ان هذه السورة تبطل جميع المذاهب الباطلة في المبدأ.
فالآية الاولى: تبطل مذهب المشبّهة القائلين بانه تعالى جسم. و الآية
الثانية: تبطل مذهب من قال: بتعدد المبدأ كالثنوية القائلين بالنور و الظلمة، و
النصارى الذين يقولون بالتثليث، و الصابئين في الافلاك و النجوم، و قد عرفت وجه
الدلالة. و الآية الثالثة: تبطل مذهب اليهود في قولهم:عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ[2]، و النصارى في المسيح و المشركين في الملائكة. و
الآية الرابعة تبطل مذهب المشركين الذين جعلوا الاصنام اكفاء و اندادا له، تعالى
عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا.
الفائدة الثانية:
اعلم انه تعالى وصف في هذه السورة نفسه بوصفين يمكن الاستدلال بها
على جميع صفاته تعالى، بل نقول: يمكن الاستدلال باحدهما فقط.
و لنتكلم في الصفة الاولى، فنقول و باللّه التوفيق: لمّا ثبت انه
تعالى احد لا كثرة فيه اصلا سواء كانت كثرة قبل الذات كالكثرة بحسب الاجزاء، او
كثرة مع الذات كالكثرة بحسب الماهية و الإنّية، او كثرة بعد الذات كالكثرة بحسب
الذات و الصفات، ثبت انه