اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 256
على ضد ذلك، يكونون مجبورين بالعذاب الشديد، المضطرين بالمحن
العظيمة، معلّقين بيد المالك بالسلاسل و الاغلال، ليكون لكل من السعداء و الاشقياء
نصيب من الاختيار.
مكاشفة
لمّا بيّن [ب- 5] فى مقامه ان جميع ما هو ثابت في العالم الادنى[1]و المرتبة السفلى من الاحوال و الصفات
فهو ثابت في العوالم الاعلى و المنزلة القصوى على وجه ارفع و اصفى، حتى ان التضاد
الواقع في العالم الادنى الّذي يتصف به اصحاب الشمال و يكون منشأ تعذيبهم يوجد في
اهل الجنان و اصحاب اليمين، لكن ملابستهم اياه ليس على وجه التضاد الحقيقى، بل على
وجه شبح و مثال للتضاد، فان التضاد في عالم التفرقة يوجب الفساد و الزوال، و في
عالم الجمعية يوجب التمام و الكمال، و لا يوجب العذاب و النكال. فتضاد اهل الجحيم
كحرارة السموم و برودة الزمهرير، و تضاد اهل الجنة:إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها
كافُوراً.يُسْقَوْنَ
فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا[2]. فالكافور و الزنجبيل ليسا متضادين في حقهم، لان عالمهم ارفع
من عالم التضاد، و كذلك التنازع الواقع بينهم ليس الّا تنازعا مجازيا مثاليا لا
حقيقيا،يَتَنازَعُونَ فِيها
كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَ لا تَأْثِيمٌ[3]، لصفاء قلوبهم و ارتفاع جواهرهم عن[4]عالم التضاد و مضيق التصادم،وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ
غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ[5].
و اما مخاصمة اهل النار فهى حقيقية:إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ[6]. و لذلك:
كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها[7]. فقد علم مما ذكر ان المتضادين قد يكونان منشأ لارتياح