اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 254
مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا[1]. لكنّ السابقين يمرّون
على الصراط كالبرق الخاطف من غير أن يصل إليه[2]أثر من حرّها، كما قال واحد من اهل بيت النبي صلى اللّه عليه
و آله: جزناها[3]و هى خامدة[4]. و امّا اهل الشمال
فيقيّدون[5]فيها:ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ
نَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا[6].
و السابقون اهل الأعراف:وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ[7]. و من علاماتهم تشابه
احوالهم، لارتفاعهم بحسب علومهم الحقّة عن تغيرات المواد و الاجسام، و اطلاعهم على
سرّ القدر:لِكَيْلا
تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ[8]؛ و لاطمينان ارواحهم و رسوخ علومهم و ارتفاع
منزلتهم عن التغير في الاحوال و استقامة ذاتهم عن التبدل و التحول [الف- 5] من حال
الى حال و التجدد في الاوضاع و الافعال، و تساوى نسبتهم الى جميع الامكنة و الجهات
و الازمنة و الآجال؛ كانت الامكنة كلها بالقياس إليهم معبدا واحدا و مسجدا و
محرابا واحدا، و الاوقات كلها عيدا واحدا و جمعة واحدة، و هم في صلواتهم دائمون.
و هذه الحالة لهم على ضد احوال الشمال، فهؤلاء اهل التضاد كما ان
اولئك اهل التوحيد، لتعبّدهم بعالم الاجساد المتضادة المتخالفة الصور و المواد
المنقلبة في احوالها المتناقضة كالوجود و العدم، و الكون و الفساد، و الحياة و
الموت، و النوم و اليقظة، و الصحة و المرض، و القدرة و العجز، و اللذة و الالم، و
الراحة و التعب؛ و ذلك لتعبّدهم بذواتهم و هويّاتهم الكائنة المستحيلة بحيث لم
يرتفعوا عن خصوصيات هويّاتهم.