اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 242
المقتضية للاعمال الشهوية و الغضبية و البهيمية و السبعية، فلا جرم
يكون تصوراتهم مقصورة على اغراض حيوانية تغلب على نفوسهم، و يحشر[1]على صور تلك الحيوانات في الدار الآخرة:وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ[2]. يحشر بعض الناس على
صورة يحسن عندها القردة و الخنازير. و هكذا يتصورون بصورهم الحقيقية الاخروية لاهل
الكشف و اصحاب الشهود و يعاينون لهم في صقع باطنهم على أشكال و هيئات تقتضيها صفات
النفوس و هيئات الارواح، و ذلك لظهور سلطان الآخرة على قلوب اهل الحق،إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ[3].
و التحقيق في ذلك: ان كمال الانسان- بحسب الاعمال المتضادة الآثار-
التخلص عن موجباتها و التشبّه بالملائكة في التنزه عنها، و هم منفكّون عن هذه
الاوصاف المتضادة؛ و ليس في وسع الانسان امكان الانفكاك عنها بالكلية، فكلّفه
اللّه تعالى بما يشبه الانفكاك و ما هو بمنزلته و هو التوسط؛ فان المتوسط بين
الضدين كأنه خال عنهما كالماء الفاتر لا حارّ و لا بارد مع عدم خروجه بالكلية عن
جنس الحرارة و البرودة، كالجرم الفلكى؛ فنسبة المعتدل العنصرى في الاوصاف
الجسمانية الى الفلك كنسبة العدل في الاوصاف النفسانية الى الملك؛ لأن الملك متقدس
عن الاخلاق المتضادة بالكلّية، و المتوسط فيها متشبّه به نازل منزلته فالصراط
المستقيم هو الوسط الحقّ بين هذه الاطراف، و لا عرض له، فهو ادقّ من الشّعر، و
لذلك [الف- 2] خرج من القدرة البشرية الوقوف عليه، فلا جرم يرد امثالنا ورودا ما
يقدر الميل عنه، لقوله تعالى:وَ
إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا[4].