اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 169
الّذي لا بخل و لا منع و لا تقتير[1]فيه جوهر النفس و حقيقتها. فاذن وجود البدن بامكانه
الاستعدادى ما استدعى الّا صورة مقارنة له، متصرفة فيه بما هى صورته مقارنة، و
وجود المبدأ الفياض اقتضى صورة متصرفة ذات حقيقة مفارقة او ذات مبدأ مفارق؛ و كما
ان الشيء الواحد يجوز ان يكون جوهرا من جهة، و عرضا من جهة اخرى كماهية الجواهر
الموجودة في الذهن، لما تحقق ان صورتها العقلية جوهر بحسب الماهية، عرض بحسب
الوجود الذهنى العقلى، بل كيف و كذا يجوز ان يكون شيء واحد مجعولا من جهة، و غير
مجعول من جهة اخرى، كالوجود و الماهية[2]، فكذلك يجوز ان يكون شيء واحد كالنفس مجردا من حيث كونه ذاتا عقلية،
و ماديا من حيث كونه متصرفا في البدن. فاذا كانت النفس مجردة من حيث الذات و
الماهية، و مادية من حيث الفعل، فهى من حيث الفعل مسبوقة باستعداد البدن حادثة
بحدوثه، زائلة بزواله. و اما من حيث حقيقتها او مبدئها فغير مسبوقة باستعداد البدن
الّا بالعرض، و لا فاسدة بفساده[3]و
لا يلحقها شيء من مثالب الماديات الّا بالعرض. فتدبّر.
هذا ما سنح لنا في سالف الزمان على طريقة اهل النظر. و اما الّذي
نراه الآن[6]فى تحقيق الحال
و رفع الاعضال، فهو ان للنفس الانسانية مقامات و نشئات ذاتيه، بعضها في عالم الامر
و التدبير،قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي[4]، و بعضها في عالم الخلق و التصوير،وَ لَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ، ثُمَّ قُلْنا
لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ.[5]فالحدوث و
التجدد انما يطرءان لبعض نشئاتها. فنقول: لمّا كانت للنفس ترقيات و تحولات من نشأة
اولى الى نشأة ثانية و الى ما بعدها؛ فاذا ترقّت و تحوّلت من عالم الخلق الى عالم
الامر يصير وجوده وجودا عقليا إلهيا لا تحتاج حينئذ الى البدن و احواله و
استعداده. فزوال استعداد البدن ايّاها لا يضرّها دواما و بقاء، اذ ليس وجودها الحدوثى
هو وجودها البقائى، لأنّ ذلك مادى و هذا مفارق عن المادة فليس حال النفس في اوّل
حدوثها