اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 144
يستضاء به، فهدانى ربّى و ألهمنى بما فيه غنية عن ساير افكار
المتقدمين من الحكماء و المتأخرين من المتكلمين،الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَ ما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ
لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ[1]، و ليس فيما ذكرته مفاخرة او شعوف على الاقران بل تشويق الى نيل مثله
و ما هو ارفع منه، و اعلام بان درك اسرار الآخرة لا يمكن الّا بنور النبوة، و ان
نسبة عقول جماهير المتفكرين من اولى الانظار الحكمية و ذوى الافكار العقلية الى
[ب- 8] هذا النور كنسبة عيون الخفافيش الى نور الشمس.
ثم ان ما عندى من علم المعاد و كيفية حشر النفوس و الاجساد لا يمكننى
ان اصرح بها تصريحا و أنصّ عليها نصا بل اشارة و تلويحا، و الحق[2]لى ان أضنّ[6]بها لشرف قدرها و عزتها، و بعد غورها و قصور المدارك الضعيفة
عن بلوغ شأوها، و اشمئزاز القلوب المريضة بداء الجهالة و حبّ الجاه عن سماعها، و
تضرّرهم منها تضرّر المزكوم بشمائم[3]الورد
و العبهر، و الكناسى بروائح المسك الاذفر؛ لكن اذكر هاهنا لمعة من نورها و اشارة
الى شيء من مقدماتها على مقدار ما يقابل السؤال، و ينحلّ به ما ذكره من الاشكال،
ان شاء اللّه تعالى.
فنقول: النفوس الانسانية منقسمة الى ثلاثة اقسام بحسب العاقبة:
العالون و هم المقربون، و المتوسطون و هم اصحاب اليمين، و النازلون في المهاوى و
هم اصحاب الشمال. و انقسام الناس الى هذه الاقسام في القسمة انقسام بحسب الذات و
الحقيقة لا بحسب العوارض الصنفية، بل لكل من هذه الثلاثة معنى جنسى تحته انواع
كثيرة مع انّ نوع البشر بحسب الخلقة يكون واحدا و افراده متماثلة[4]الحقيقة مادة و صورة، بدنا و نفسا،قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ[5]، و هذا من العجائب التى لا يعلمها بالبرهان الّا
الراسخون، و في القرآن آيات كثيرة في هذا المعنى مثل قوله تعالى:كانَ النَّاسُ أُمَّةً