اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 132
و أيضا كل من الحواس الظاهرة بمنزلة رسول مبلّغ رسالته من غير ان
يكون له خر عن اداء رسالته. فالبصر يتحمّل رسالة صورة الالوان و يؤديها، و لا يدرك
معنى اللّون و لا معنى التأدية و الرسالة[1]، و كذا باقى الحواس، بخلاف مدارك[2]الباطنية بوجه.
و أيضا فعل هذه القوى الخمس لا يتصل بعضها ببعض، و لا يؤدى شيء منها
فعله الى الآخر، فالسمع لا يؤدّى صورته المسموعة الى البصر، و لا البصر صورته الى
السمع، بخلاف المشاعر الباطنية[3]، فالحس المشترك يؤدى صورته الى الخيال، و هى الى الوهم، و هى الى
الحفظ؛ و الحافظة يسترجعها الى الناطقة، و هى الى العقل بالفعل و هو الى فوقه، فهو
المدبّر في هذه المملكة الانسانية يفعل كيف يشاء، فهو الحاكم القادر الّذي يسرى
حكمه و قدرته الى كلّ منها، بل نزل من علوّ ذاته و سماء درجته الى هذه الدرجات،
فهو بعينه [الف- 4] السميع البصير المفكّر المتدبّر الناطق العاقل مع احدية ذاته و
كثرة هذه القوى، اذ هى مع كثرتها مطموسة في احديته؛ فهو المالك المدبّر. و الكلّ
مشاهدة عند العاقل الخبير على وحدانية مدبّرها العليم و اميرها الكبير؛ فانظر بعين
الاعتبار.