responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 479

في حالة النوم، فهو الذي يقال له أضغاث أحلام على الحقيقة، و هو المنام الكاذب، و قد ذكروا له أسبابا.

الأول، أن ما يدركه الإنسان في حالة اليقظة من المحسوسات، يبقى صورته في الخيال، فعند النوم ينتقل من الخيال إلى الحس المشترك، فيشاهد هو بعينه إن لم يتصرف فيه المتخيلة، أو ما يناسبه إن تصرف فيه.

و الثاني، أن المفكرة إذا التفت صورة، انتقلت تلك الصورة عنها عند النوم إلى الخيال، ثم منه إلى الحس المشترك.

الثالث، إذا تغير مزاج الروح الحامل للقوة المتخيلة تغيرت أفعالها بحسب تلك التغيرات على ما مر من التفصيل، و إن كان أمثال هذه حاصلة في حال اليقظة فربما سميت أمورا شيطانية كاذبة، و ما يرى من الغول و الجن و الشياطين، فقد يكون من تخيله و كونها كذلك، لا ينافي وجودها الخارجي.

فإن الموجودات التي لها وجود في الخارج ربما يشاهد و يرى من هذا السبيل، و لا ينافي وجودها على هذا الوجه وجودها الخارجي، لأن الخيال يظهرها و إن لم يكن منطبعة فيه.

و هذا الذي ذكرناه من التفصيل أيضا مبناه على طريقة المشائين من إنكار وجود الصور الغائبة عن الحواس في عالم غير هذا العالم، لأنه أنسب بمذاق الظاهريين من العلماء.

و الحق عندنا أن الأمور التي يتراءى لأرباب الشهود و أصحاب الكشف، الكلام فيها غير مسلم لتوابع المعلم الأول و من يحذو حذوهم، لأنهم غفلوا عن عالمين عظيمين، و لم يدخلوا في بحوثهم و أنظارهم، هما عالم المثل الأفلاطونية التي هي جنة المقربين، و عالم الأشباح المثالية التي منقسمة إلى جنة السعداء، و جحيم الأشقياء، كل منهما على طبقات متفاوتة، كلها موجودة في الخارج.

و إنما غفلوا عنها، لأنه لم يسلك أحد منهم سبيل القدس، و لا اشتغلوا بالرياضة و التنزيه، و الذي سلك منهم كان سلوكه ضعيفا، و من سلك إما من مرشد متأله، أو بتأييد إلهي غريب وقع على الندرة فسيطلع على وجود أمور تيقن أنها غير موجود في مواد هذا العالم و لا في تجاويف دماغه على ما زعمه المشاءون، بل في صقع آخر من غير ريبة، و إن كذبه أهل البحث يكذب هو إياه بالمشاهدة المتكررة.

اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست