responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 441

الباطن" و نسوا أنفسهم" لإعراضهم عن معرفة بارئها و منشئها، و يئسوا من الآخرة كما بئس الكفار من أصحاب القبور، فلم يدركوا من الحقائق الأخروية و المواعيد النبوية مما جاء به الكتب و الرسل، إلا نحوا ضعيفا على ضرب من التخييل و التمثيل، دون حقيقة الأمر كما هو عليه.

و أما العرفاء الإلهيون، فهم الذين وصلوا بقوة اليقين إلى إدراك حقائق النشأة الآخرة و مشاهدة عقلية من غير شائبة شك و ريب، فلا يزيدهم رفع الحجب عند الموت إلا كشفا و وضوحا، لا يقينا و معرفة.

و أما أصحاب المعارج من الأنبياء و المتجردون من أغشية المواد و لبوسات الأجرام من الأولياء، لخلع أبدانهم العنصرية أو تحصيلهم ملكة خلعها، و إن لم يصر منخلعة، بل مع صحوهم و شعورهم بما يورده الحواس، فقد حصلت لهم مشاهدة الصور الأخروية و أحوال البرزخ قبل وقوعها و قيام القيامة للمحجوبين، كما وقع للنبي" ص" ليلة المعراج حيث يحكى عنه أنه: رأى أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار، و عين بعضا منهم، و هم بعد ما ماتوا، و ما قتلوا، أن فلانا و فلانا رأيتهم في الجنة، و فلان و فلان، رأيتهم في النار. و رأى الأنبياء" ع" و قد انقرضت أزمنة حياتهم الدنياوية، و رأى موسى" ع" حين كلمه تعالى تكليما، و ذلك لأجل اطلاعه على الآخرة و شهوده للنشأة الثانية و خروجه عن الأمكنة و الأزمنة، فكانت نسبة جميع الأزمنة و الأمكنة بالنظر إلى إحاطة شهوده لقربه من الحق الأعلى في درجة واحدة.

تبصرة عقلية

قال بعض العرفاء: كل من شاهد بنور البصيرة باطنه في الدنيا لرآه مشحونا بأصناف السباع و أنواع الهوام، مثل الغضب و الشهوة و الحقد و الحسد و الكبر و العجب و الرياء و غيرها، و هي التي لا تزال تفترسه و تنهشه إن سهى عنها بلحظة، إلا أن أكثر الناس لكونه محجوب العين عن مشاهدتها، فإذا كشف الغطاء و وضع في قبره، عاينها و قد تمثلت له بصورها، و أشكالها الموافقة لمعانيها، فيرى بعينه العقارب و الحيات قد أحدقت به، و إنما هي صفاته الحاضرة، الآن في نفسه قد انكشف له صورها. فإن أردت يا أخي أن تقتلها و أنت قادر عليها قبل الموت فافعل، و إلا فوطن نفسك عن لدغها و نهشها بصميم قلبك، فضلا عن ظاهر بشرتك و جسمك.

اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 441
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست