اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 435
و الآخر هو طلوع النور"اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ"
فالعبارة
من الأول، ليلة القدر، و من الآخر يوم القيامة.
ففي ليلة القدر"تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ" و في يوم
القيامة"تَعْرُجُ
الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ، فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ
سَنَةٍ".
حكمة عرشية
أجناس العوالم و النشئات ثلاثة، الدنيا و هي عالم الماديات و
الطبيعيات، و الآخرة، و هي عالم التعليميات و الرياضيات، و ما وراء الدنيا و
الآخرة جميعا و هو عالم المفارقات و العقليات.
فالنشأة الأولى بائدة داثرة هالكة بخلاف الباقين و خصوصا الثالثة
التي هي المآل الحقيقي للمقربين.
و الإنسان حقيقة مجتمعة من هذه العوالم باعتبار إدراكاتها الثلاثة،
فكلما غلب عليه واحد منها يكون مآله إلى أحكام ذلك و لوازمه، فإن غلب عليه
التعلقات الدنياوية و المستلذات الحسية، فهو بعد وفاته يتعذب بفقدان المحسوس و
فواته، فهو أليف غصة دائمة و رهين عذاب أليم، لأن اللذات الدنياوية لا حقيقة لها و
الملائمات الحسية أمور مجازية، فمن عشقها و اعتاد بها، يكون كمن عشق أمرا معدوما،
و طلب شيئا باطلا لم يكن له ثمر، و لا عنه خير.
فيكون الراغب إليه و العاشق له و المعتاد بصحبته حيرانا أسفا، إلا أنه
ما دام في الدنيا يظن أن لمحبوبه وجودا يمكن أن ينال، و بهذا الظن القبيح المستنكر
عند الكاملين من العقلاء يتعيش في الدنيا، و يستأنس و يتمتع بهذه الحياة المجازية
و بمتاعها الذي هو متاع الغرور و حلية القبور، فإذا طلعت الشمس الحقيقة و ذابت بها
المجازات و اضمحلت المحسوسات ذوبان الجليد و اضمحلال الثلوج بحرارة ارتفاع الشمس
في أوان الصيف فبقي المحب للدنيا المحسوسات في غصة و ألم لفقدان محبوبه و امتناع
وجوده، لأن المحسوس بما هو محسوس لا حقيقة له أصلا كما أشرنا إليه.
و بيانه على الوجه التفصيلي يطلب منا، في مجال أوسع من هذا الذي نحن
فيه.
و إن غلبت عليه جهة اللذات الأخروية و رجاء النعماء الأجلية، من نكاح
الحور و التمكن
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 435