اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 413
على صحة التأويل في غيرها، إذ لمانع أن يمنع صحة التزام مثله في
غيرها مما علم ضرورة من الدين صحته و وقوعه.
و ربما يوجد في زماننا من قلد هذا الحبر المتين العالم بقواعد
الشريعة و الدين في عذاب القبر حسبما قرره بوجه لا يرتضيه نبيه النذير المنذر،
حاصله: أن الذي يراه المقبور في قبره من الحيات و العقارب و سائر أسباب العذاب على
ما ورد في الأخبار و الآثار، إنما هي صور خيالية غير خارجية، بل هي كما يراه
النائم في منامه مما لا وجود له في الخارج أصلا، و كما أن النائم يتألم بما يراه
في المنام، كذلك الميت، و النوم أخ الموت.
و مساق كلامه يشعر بأنه اضطر إلى هذا في دفع الشبهة المشهورة التي
أوردها بعض الملحدين المنحرفين عن شريعة المسلمين حيث قالوا، إن بعد النبش يظهر
سلامة البدن الميت عن العقارب و الحيات و سائر ما ورد من أسباب العذاب.
و إنما نحن بفضل الله و تأييده لفي مندوحة عن أمثال هذه الشبهة و
نظائرها بما قررنا و أشرنا إليه مرارا من الفرق بين ما يراه النائم في نومه، و بين
ما يراه المقبور في قبره و المحشور في حشره، و إن كان مظهر هذه الصور الجسمانية
القوة الخيالية التي للنفس بمنزلة القوة الباصرة التي قد يرى الأشياء عيانا و قد
يرى بتخيلها ذهنا.
أما الأول من غير ضرورة شرعية أو داعية عقلية، فهو عندنا إما مبدع أو
كافر، و بعد التفتيش يظهر أنه من أيهما بخصوصه نعوذ بالله منه.
إزالة وهم إنارة فهم
إن الذي صرف النصوص الواردة في باب أخبار الآخرة عن ظاهرها و مؤداها،
و حول الآيات الدالة على أحوال القبر و البعث عن منطوقها و فحواها، و زعم أنها
عقلية أو وهمية محضة، و ليس لها وجود عيني، جهل أو تجاهل، أنه لو كان الأمر كما
توهم و أوهم، لزم أن يكون تشريع الشرائع للإضلال و الغواية لا للإرشاد و الهداية،
و لم يعلم أن أولئك الهداة الصادقين المعصومين عن الغلط و الخطاء قرروا، أن الذي
قرر في نفسه العقائد الفاسدة و رسخ في ذاته العلوم الباطلة، كانت نفسه ظالمة جاهلة
معذبة أبدا، إذ هي لا يزول عنها أبدا، و لا يزول الملكات التي هي آثار الأفعال و
الأعمال قطعا، و ظاهر أن أكثر الناس يحملون هذه النصوص على ظواهرها و معانيها
الحقيقية و يعتقدون حقيتها فلو لم يكن مفهوماتها الظاهرة و معانيها الأولية حقة،
لكانت ضلالات و جهالات، و من اعتقدها كان
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 413