اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 382
بعد أن عاد النظر في كتب القوم و استفاد كثيرا من فوائدهم و خصوصا ما
وجد في كتب الشيخين" أبي نصر" و" أبي علي" في طريقة المشائين
و كتب الشيخ الإلهي" صاحب الإشراق" أن يرجع إلى طريقتنا في المعارف و
العلوم الحاصلة لنا بالممازجة بين طريقة المتألهين من الحكماء و المليين من
العرفاء فإن ما تيسر لنا بفضل الله و رحمته و ما وصلنا إليه بفضله و جوده من خلاصة
أسرار المبدإ و المعاد، مما لست أظن أن قد وصل إليه أحد ممن أعرفه من شيعة
المشائين و متأخريهم دون أئمتهم و متقدميهم، كأرسطو و من سبقه، و لا أزعم إن كان
يقدر على إثباته بقوة البحث و البرهان شخص من المعروفين بالمكاشفة و العرفان من
مشايخ الصوفية من سابقيهم و لاحقيهم، و ظني أن هذه المزية إنما حصلت لهذا العبد
المرحوم من أمة المرحومة، عن الواهب العظيم و الجواد الرحيم، لشدة اشتغاله بهذا
المطلب العالي و كثرة احتماله عن الجهلة و الأرذال و قلة شفقة الناس في حقه و عدم
التفاتهم إلى جانبه، حتى أنه كان في الدنيا مدة مديدة كئيبا حزينا ما كان له عند
الناس رتبة أدنى من آحاد طلبة العلم و لا عند علمائهم الذين أكثرهم أشقى من
الجهال، قدر أقل من تلاميذهم، و ذلك لعدم معرفتهم بطريق التحصيل إلا من جهة القال
و القيل و قلة شعورهم بالكمال و التكميل إلا من مدارسة الأباطيل، إلى أن تداركني
الرحمة الأزلية و لحقتني الأضواء الأحدية و الألطاف القيومية فاستراحت نفسي من
إقرارهم و إنكارهم، و خلصت من إضرارهم و أسرارهم، فأطلعني الله على أسرار و رموز
لم أكن أطلع عليها إلى ذلك الزمان و انكشف لي حقائق لم يكن منكشفة هذا الانكشاف من
الحجة و البرهان من المسائل الربوبية و المعارف الإلهية و تحقيق النفس الإنسانية
التي هي سلم المعارف و مرقاة العلوم، و غيرها من أحوال المبدإ و أسرار المعاد، و
خصوصا هذه المسألة التي نحن بصدد بيانها على وجه يسع له البحث و البرهان دون ما
انكشف للضمير بقوة الإيمان، إذ ليس يحتمله الأذهان و لا يفي به العبارة و البيان
لنمهد لبيانه أصولا.
الأصل الأول،
أن تحصل كل ماهية تركيبية نوعية إنما يكون بفصله الأخير، و باقي
فصوله
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 382