responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 180

لجاز أن يتحرك إلى المكان الأعلى، كما يجوز في بعض أجزاء الماء و الهواء أن يتحرك الأسفل إلى حيز الأعلى من حيز الماء و الهواء. و لو جاز ذلك لكان قابلا للحركة المستقيمة إذ بها يتحرك الأسفل إلى الأعلى أو بالعكس، كما في العناصر.

و قد بان استحالة أن يكون فيها قبول تلك الحركة.

الأصل الثاني: أن هذه الأجسام السماوية ليس بعضها علة للبعض،

بل لا يجوز أن يكون جسم سببا لوجود جسم آخر، لما مر سابقا أن تأثير الجسم بمشاركة الوضع من المماسة أو التجاور أو المحاذاة، فلا بد من وجود أمر ذي وضع حتى يؤثر الجسم بقوته فيه، فإذا لم يكن ثمة موجود استحال أن يفعل الجسم اختراع موجود آخر.

و ما يشاهد من حصول بعض العناصر بسبب بعض كتكون النار من الهواء فليس ذلك من فعل جسم في وجود جسم آخر، بل مادة الجسم الأول يقبل بالاستعداد الحاصل صورة أخرى حاصلة من فاعل غيرهما.

ثم النار ليست بجسم أول، بل هي كائنة من جسم آخر و إنما كلامنا في الأجسام الأولية، و السماوات أجسام إبداعية أولية ليست كائنة من جسم آخر فنحو وجودها ليس الأعلى سبيل الإبداع، كما مر بيانه.

فإذن ثبت أن الأجسام الأول ليس بعضها علة لبعض.

فإذا ثبت هذان الأصلان فنقول: العقول المجردة كثيرة، بل لا يجوز أن يكون عددها أقل من عدد الأجرام الإبداعية السماوية. و ذلك لأنها ثبت أنها مختلفة الطبائع، فلكونها ممكنة تحتاج إلى علل كثيرة، إذ الواحد بجهة واحدة لا يصدر منه إلا واحدة، فلا بد من عدد حتى يصدر عن كل واحد واحد، و ينبغي أن يختلف بالنوع لأن الكثرة بالعدد لا يتصور من نوع واحد إلا بكثرة المادة أو استعداداته، كما مر. و ما ليس ماديا لو تكثر فإنما تكثر باختلاف النوع بتعدد الفصول المتباينة لا بالعوارض، لاستحالة أن يلزم الشي‌ء عارض لا يجوز في نوعه، و العارض المفارق لا بد له من مادة يقبل تجدده و حدوثه و زواله، فما لم يكن له مادة لم يكن له كثرة و تعدد إلا بالنوع.

و هذه العقول التي هي فواعل الجواهر السماوية ينبغي أن يكون هي المعشوقات و غاية الحركات لنفوس السماوات لأن التفات كل شي‌ء في استكماله و طلبه الخير إلى ما هو

 

المبدأ و المعاد ؛ ص181

 

اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست