اسم الکتاب : شرح رسالة المشاعر المؤلف : اللاهيجي، محمد جعفر الجزء : 1 صفحة : 286
جرّدناها عنه، فهذه الملاحظة- التي هي عبارة عن تخلية الماهية عن
جميع الوجودات حتى عن هذه الملاحظة و عن هذه التخلية التي هي أيضا نحو من الوجود
في الواقع من غير تعمّل- لها اعتباران: اعتبار كونها تجريدا و تعرية، و اعتبار كونها
نحوا من الوجود، فالماهية بالاعتبار الأوّل[1]موصوفة بالوجود، و بالاعتبار الآخر
مخلوطة غير موصوفة، فالتعرية باعتبار و الخلط باعتبار آخر».
كون التجريد نحوا من الوجود بحسب الواقع لا يستلزم أن يكون بهذه
الخصوصية عند العقل و ملحوظا بهذا الوجه حتى لا يكون عند العقل مجردا عن الوجود
مطلقا، بل كان مخلوطا بالوجود على أيّ حال، فلا يمكن للعقل تجريد الماهية عن
الوجود المطلق و اتّصافها به؛ بل هذه الملاحظة- كما قال المصنّف-: «لهااعتباران» و بأحد الاعتبارين يصحّ الخلوّ و الاتّصاف، و بالآخر
يصدق الحكم الإيجابي، و يتحقّق القاعدة الفرعية بلا إشكال كما قال:
«وليست
حيثيّة أحد الاعتبارين غير حيثيّة الاعتبار الآخر، ليعود الإشكال جذعا من أنّ
الاعتبار الذي بها يتصف الماهية بالوجود لا بدّ فيه أيضا من مقارنة الوجود، فتنفسخ
ضابطة الفرعيّة، و ذلك لأنّ هذا التجريد عن كافة الوجود هو بعينه نحو من الوجود،
لا أنّه شيء آخر غيره، فهو وجود و تجريد عن الوجود، كما أنّ الهيولى الأولى قوّة
الجواهر الصوريّة و غيرها و نفس هذه القوة حاصلة لها بالفعل، و لا حاجة لها إلى
قوة أخرى لفعليّة هذه القوة، ففعليّتها قوتها للأشياء الكثيرة، و كما أنّ ثبات
الحركة عين تجدّدها و وحدة العدد عين كثرته؛ فانظر إلى سريان نور الوجود و نفوذ
حكمه في جميع المعاني بجميع الاعتبارات و الحيثيّات حتّى أن تجريد الماهية عن
الوجود أيضا متفرّع على وجودها».
إذا كانت حيثيّة الفعل غير حيثيّة القوة، كانت بوجه مسبوقة على
القوة.
و أمّا إذا كانت الحيثيّتان واحدة بحسب الواقع، و مغايرة
بالاعتبار، فلا يحتاج