responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 450

مبدعها. و ما أحسن ما مثل بعضهم البدن بشبكة اقتنص بها وجود النفس عن مبدأها المفارق. فبعد الوقوع في عالم الوجود بواسطة الشبكة لا يحتاج إلى بقاء تلك الشبكة، فيبقى ببقاء علتها الفياضة، بل الشبكة عائقة لها عن وجودها الاستقلالي و طيرانها في فضاء عالم القدس. فثبت إن البدن شرط حدوث النفس لا شرط بقائها و أيضا النفس جوهر و تعلقها و ارتباطها بالبدن من باب المضاف و هو أضعف الأعراض و أخسّها فبطلان الإضافة التي هي أضعف الأعراض لا يوجب بطلان الجوهر القائم بنفسه. و قد علمت إن عدم أحد أسباب وجود الشي‌ء بالذات سبب لعدم ذلك الشي‌ء.

و علمت إن البدن سبب بالعرض، فوجود النفس و لا مادة لها و صورتها بعينها هي ذاتها و فاعلها المفارق و غايتها اتصالها به فيلزم أن يكون باقيه ما دام كون مبدأها المفارق باقيا. و مقارنة البدن و قواه و هيئاته الظلمانية و أغشيتها المادية [عائقة بها] عن اتصالها بعالم القدس.

كما يضعف الطير عن الوصول إلى الجو العالي و اتصاله بالطيور السماوية بمقارنة الشبكة و تتقوى بتعطله. فإذا مات البدن و خرب و انهزم جنوده و قواه تخلص جوهر النفس عن حبس البدن و مؤذيات القوى و تشرّف بمصاحبة القدسيين و الملأ الأعلى مع حصول كمالها.

و اعتبر بآلات النجار و مدخليتها في وجود الكرسي ثم بقاءه مع انتفاء الآلة أو معها فسقيا لنفوس صرفت قواها في سبيل الحق و استعملت القوى و الآلات البدنية في تحصيل مطلوبها القدسي و مراداتها العقلية ثم نفضها و رفضها بالكلية كما في قول شاعر من الحكماء:

و إذا كانت النفوس كبارا

 

تعبت في مرادها الأجسام‌

 

و لا سبيل إلى الثاني‌، و هو قول بالتناسخ و انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر سواء كان من نوعه أو لا، و سواء كان النقل بالنزول أو بالصعود، لأن النفوس حادثة على ما مر على ما هو مذهب المعلّمين و الرؤساء و سائر المتأخرين خلافا للأقدمين من حكماء الفرس و اليونان ما خلا أرسطو و أتباعه. فيكون التناسخ محالا، لأن النفس كلما كانت حادثة بحدوث البدن كان المزاج البدني باستعداده الخاص استدعى وجودها عن المفارق و تعلقها به‌، فالبدن الصالح للنفس كاف في فيضان النفس عن مبدأها.

فكل بدن يصلح أن تتعلق به نفس، فلو تعلق به نفس أخرى‌ غير ما استحقه بالاستعداد عن المبدأ، بل‌ على سبيل التناسخ فقد تعلق بالبدن الواحد نفسان مدبرتان له‌ و آنيتان‌

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 450
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست